بعدما أعاد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل حساباته “المسيحية” وقرر قلب الطاولة التشريعية في وجه الثنائي الشيعي والتراجع عن التعهد بتأمين الميثاقية لجلسة التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، رأت أوساط مواكبة للمستجدات التي طرأت على خط التوتر المتفاقم في العلاقة بين “التيار” و”الحزب” أنّ هذه العلاقة تجاوزت على ما يبدو “خط الرجعة”، وانتقلت من مرحلة “مد اليد وعدم نزعها بين شركاء تفاهم مار مخايل” إلى مرحلة “عضّ الأصابع” بانتظار من يصرخ أولاً في الكباش الرئاسي.
وأوضحت الأوساط نفسها أنّ ما شهدته نهاية الأسبوع من مجاهرة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة بكون “تفاهم مار مخايل بات في وضع حرج” وما أعقبه أمس الأول من ردّ عالي السقف والنبرة على لسان النائب جبران باسيل إنما يؤكد أنّ الجانبين أصبحا على شفير انهيار “التوأمة” التي حكما من خلالها رئاسياً وحكومياً ونيابياً منذ العام 2006، بعدما أدى كل منهما دوره تجاه الآخر بموجبها، لتبدأ عملياً مفاعيل “التفاهم” بالانحسار تدريجياً مع لحظة خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، في ظل عدم إبداء “الحزب” تجاوباً مع رغبة عون الجامحة في إعادة تجيير مفاعيله الرئاسية لصالح باسيل.
ومن هذا المنطلق، وضعت الأوساط اللهجة الهجومية سواءً من عون أو من باسيل السبت ضد “الحزب” تحت شعار التصويب على “المنظومة الفاسدة” في إطار “المحاولة الأخيرة لاستدراج الحزب إلى اتفاق رئاسي مع التيار الوطني منعاً لنزع الغطاء المسيحي عنه”، سيّما وأنّ رئيس “التيار” أوصل رسائل مباشرة في هذا الاتجاه بتشديده على وجوب أن تكون له الكلمة الفصل مع “الحزب” في إيصال رئيس للجمهورية “وما حدا يفرضه علينا” في إشارة إلى إصرار “الحزب” على ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية.
أما في ما يتصل بمسألة التمديد للمدير العام للأمن العام، فنقلت مصادر نيابية أنّ “الثنائي الشيعي” أوكل مسألة البحث في إيجاد “تخريجة” التمديد للواء ابراهيم إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعد إقفال باسيل باب التمديد له في مجلس النواب، كاشفةً في هذا الإطار عن التداول بمخارج تتيح تمرير قرار التمديد “إدارياً” سواءً بقرار من وزير الداخلية والبلديات أو بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، لكنها أقرّت بصعوبات قانونية تعترض هذا الحل يتشاور ميقاتي مع بري في سبل تذليلها قبل إحالة ابراهيم إلى التقاعد نهاية الشهر.