الجوهري: صدّينا شيطنة التحالف مع “القوات” و”الحزب” خائف من التغيير

صدق ميخائيل نعيمة حين قال “ما أفقر الذين لا ثروة لهم إلا المال، وما أضعف الذين لا قوة لديهم إلا السلاح”، وكأن هذا المفكّر “العتيق” يصف استراتيجية ثنائية السلاح والفساد القائمة على الترغيب والتهديد للإحكام على عنق الدويلات المذهبية. وفيما يجهدون لمحاولة إظهار أن كل من يخرج من عباءة قطيع الثنائي الشيعي يأكله الذئب، أظهرت التجربة أن من بقي في القطيع نهش لحمه الراعي. ولو كان للتاريخ لسان حال، لجهر بأن الذئب والراعي واحد يقتات على الدم والدمار.

وفي “التقريش” العملي لاستراتيجية الحزب، وأثناء حديث المرشح في دائرة بعلبك ـ الهرمل الشيخ عباس الجوهري عن أهمية الاقتراع بحرية، وحثه المواطنين على عدم المبالاة بالضغوط التي تمارسها قوى الأمر الواقع على المرشحين والناخبين في المنطقة، تعرّض رئيس لائحة بناء الدولة خلال جولة انتخابية له في بلدة الخضر البقاعية الى ترهيب، حيث تم إطلاق نار كثيف وقذائف في الهواء، بما يحمل هذا التزامن من رمزية.

يعتبر الجوهري في حديث لموقع القوات اللبنانية الالكتروني، أن الاستهداف “هو للائحة بناء الدولة ومن خلفها استهداف لبناء دولة عصرية ديمقراطية لا يريدونها”، مضيفاً، أن “ما يعكر صفوهم هو بناء دولة حقيقية يرفضون قيامها”.

ويشير الى أن “المشهد الذي رافق انسحاب بعض مرشحي الطائفة الشيعية من اللائحة المعارضة يكشف حجم الضغوط النفسية والاجتماعية التي تحيط بهم”، مشدداً على أن الضغوط تلاحق الناخب الشيعي على حد سواء ومنها محاولات “القوطبة” على تنظيم اللقاءات في القرى، إذ يتعرض المنظمون لضغوط هائلة.

ويترافق ذلك، وفقاً للجوهري، “مع حفلة التخوين والتهويل والتخويف من الآخر”. ويعتبر أن التحالف الانتخابي مع حزب القوات اللبنانية هو “تحالف مع مكون أساسي في البلد ونتشارك والقوات رؤية مشتركة للدولة”. ويؤكد أن “للمرشحين على لائحة بناء الدولة استقلالية في الخطاب السياسي ومقاربة الأمور. وعلى الرغم من أن لكل خلفيته وبعده ورؤيته، نبقى أبناء بلد واحد”. ويضيف أن “التحالف مع النائب أنطوان حبشي الذي يمثل الأغلبية الساحقة في بيئته قيمة مضافة للائحة كما أن التجربة النيابية لحبشي تمثل المنطقة كاملة لا فقط بيئته”.

ويرى المرشح عن أحد المقاعد الشيعية في دائرة بعلبك الهرمل، أننا “تمكنّا من صد موجات شيطنة التحالف مع القوات والتحشيد ضدها بمنطق تخويف أبناء الطائفة الشيعية من انتشار الأعلام القواتية في قراهم. لا بل انتقل الثنائي الشيعي إلى محاولة التخفيف من اندفاعة الناس نحو التغيير والتي ترى الأمل ببناء الدولة”.

ويضيف أن أصحاب النزعة التغييرية في الأوساط الشيعية تتجه للتصويت لصالح لائحة بناء الدولة لذا يتم ترهيب أعضائها. ويشير الى أنني “جزء من حركة اعتراضية من داخل بيئة الحزب لذا لا أشبه أي مرشح شيعي معارض آخر، أي إنني على نقيض خط وممارسة الحزب السياسية. من هنا التحدي الأكبر الذي يستشعره الثنائي”.

ويرى الشيخ أن الواقع الشيعي مندفع نحو التغيير لكنه بحاجة “الى خيمة تحميه وقائد يأتمنه على نفسه ومستقبل أولاده لا شهوة سلطة لمقعد نيابي”، وفقاً لتعبيره، إذ إن الثنائي الشيعي تمكّن من تسويق فكرة أن من يغادر خيمته يكون بالعراء.

وعن تأثير هذه الممارسات، يبني الجوهري منطقه على مبدأ أن القوة في السياسة من غباء الخصوم، ويقول إن “لهذه الممارسات تأثير عكسي يرتد غضباً على الثنائي الشيعي ولن يجدوا سبيلاً للضغط على الناس خلف الستارة التي ستحكم ضمائرها”. ويعوّل رئيس لائحة بناء الدولة على أن الناخب لن ينسى طوابير الذل ومرده الى سياسات الثنائي الفاشلة.

ولا بد للناخب هنا أن يستذكر رئيس تكتل بعلبك الهرمل النائب حسين الحاج حسن الذي اعتبر خلال لقاء انتخابي في بعلبك، أن “التصويت للائحة القوات اللبنانية هو تصويت لأعداء المقاومة لأن القوات اللبنانية هي رأس الحربة في مواجهة المقاومة والحزب”. ورأى الحاج حسن أن “مرشحي باقي اللوائح، غير لائحة القوات اللبنانية، ليسوا أعداء، بل هم أصدقاء للمقاومة، يمارسون حقهم الديمقراطي، ونحن لا نعتبرهم أعداء ولا خصوماً، أغلبهم بل جميعهم أصدقاء للمقاومة، وبعضهم أو أكثريتهم حلفاء للمقاومة”.

أما الأسباب الكامنة وراء اختيار الشارع الشيعي المعترض له وللائحة “القوات اللبنانية”، يلحظ الجوهري أن اللائحة تنطلق من حاصلين يؤمنان المقعد الماروني والسني، كما في سيناريو العام 2018، وتطمح الى الحاصل الثالث للخرق بمقعد شيعي. ويضيف أنني “عنوان لخطاب سياسي يراكم رؤية مغايرة لرؤية الثنائي الشيعي في إدارة المرفق والشأن العام”.

ولما بعد الانتخابات ونتائجها، يؤكد الجوهري أنه مستمر بمثابرته مهما كانت النتيجة لكن هناك إمكانية كبيرة لتحقيق الخرق بأحد المقاعد الشيعية والأيام المقبلة كفيلة بترجمة التغير بالمزاج.

يشرح الأب ميشال حايك أسباب صلب المسيح الذي لم يمتثل لنواميس الطبيعة. ففتح عين الأعمى وأنهض المُقعد وأقام الميت من قبره. كما خلخل الناصري حتمية الطبيعة قاضياً على القضاء والقدر، مطلقاً الحرية التي لا حد لها. ولم يكتف السيد المسيح بنسف نواميس الطبيعة، بل هتك الشرائع التي توارثها الناس من تقاليد الإنسانية ومن مسلمات الوحي الديني. إذ انتهك حرمة السبت وأنذر بخراب الهيكل.

وبانتهاكه لكل هذه المحرمات، أثار المسيح مياه الجهل والأحقاد الراكدة كما حال الشارع الشيعي المعارض. أما ما بعد الاضطهاد الحتمي، قيامة مرتقبة بشهادة صناديق الاقتراع.

زر الذهاب إلى الأعلى