أقل من شهر هي المدة الزمنية الفاصلة عن موسم الربيع الذي لم يبق مسؤول او محلل سياسي في الدولة اللبنانية لم يتوقع موعدا لانتخاب رئيس للجمهورية. حتى الساعة لا مؤشر او بصيص امل يشي بامكان انتقال التوقعات الى واقع، ما دامت القوى السياسية في الداخل على متاريسها والخارج بعيدا جدا عن فرض رئيس او التدخل في الاسماء، ولو ان بعضها تم التداول به، وقد باتت الترجيحات محصورة بين اثنين: رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرشح الثنائي “امل- الحزب” غير المعلن وقائد الجيش العماد جوزف عون الذي ينأى بنفسه عن الترشيحات وحتى مجرد الحديث عن الرئاسة في لقاءاته مع الزوار، ولو انه المتقدم في بورصة المداولات باعتباره مقبولا من اكثر من فريق سياسي.
واذا كانت المعارضة ترفض فرنجيه كونه مرشح الحزب وتخشى ان يشكل صورة منقحة عن عهد الرئيس ميشال عون بما شهد من كوارث وانهيارات، وليست تاليا في وارد مجرد التفكير بتأمين نصاب لجلسة انتخابه ولو رضي به الخارج، وهو ما تجاهر به في الملأ، “فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين”،على حد قول احد اقطابها، وترفض الحوار الذي يدعو اليه الرئيس بري، لاقتناعها بان هدفه تعبيد درب انتخاب فرنجية، الا انها تبدي مرونة لا بل قبولا بالقائد، وترى فيه الرجل المناسب في المكان المناسب، ولو ان بعض اطرافها يفضل رئيسا من عالم السياسة اي من خارج السلك العسكري، خشية ان يصبح انتخاب قادة الجيش عرفاً. فهل يطرأ طارئ يّبدل المشهد او يقلب ستاتيكو الجمود المتحكم بالرئاسة وماذا عن سائر المرشحين وحظوظهم؟
يكشف سياسي في فريق 8 اذار قريب من الضاحية لـ”المركزية” ان رهان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على عامل الوقت، علّه يخدمه في قلب المعادلات لوصوله او ايصال من يسمي الى بعبد، مثابة حلم يستحيل تحقيقه، وتشير الى انه حينما طلب من مسؤول الامن والارتباط في الحزب وفيق صفا ترتيب موعد له مع “السيد” لان لديه ما يقوله، كان الجواب انه مشغول، وهذا اسلوب مهذب للقول انه يرفض ان يستقبله لاكثر من سبب. اولا لانه غمز من قناة الامين العام حسن نصرالله والحزب، في كلمته امام شباب التيار بقوله “لا وألف لا لوصول فاسدين للرئاسة”. وهو ما اعتُبر موجها للحزب والسيد . وثانيا لأن اللائحة التي وضعها بمرشحي التيار للرئاسة لم تتضمن اسم سليمان فرنجيه، انما بعض الاسماء التي تحبذها بكركي وبعض القوى المستقلة. وعند هذه النقطة توقفت العلاقات والاتصالات بين حليفي تفاهم مار مخايل في انتظار اعلان وفاته.
واذ تبدو حظوظ انتخاب مرشح المعارضة النائب ميشال معوض بعيدة من فتح ابواب القصر امامه، تقول اوساط سياسية شمالية لـ”المركزية” ان لا قرار راهنا للمرشح سليمان فرنجيه سواء لاعلان ترشحه رسميا اوعزوفه، قبل ان تتضح معالم المرحلة محليا ودوليا. فالامور تتجه نحو تعقيد اضافي وفرض مزيد من العقوبات على ايران التي، وعلى رغم برودة العلاقات مع فرنسا، ما زالت تتواصل معها كونها ترفض سياسة الغرب القاضية باستمرار شد الخناق على عنقها بالعقوبات كونها لم تؤد الى نتيجة، وثمة انقسام في الرأي داخل الادارة الفرنسية في هذا الخصوص والتقاء على ضرورة تقديم ضمانات لواشنطن والغرب وتنفيذ النقاط الـ12 المطلوبه منها ، ليُصار الى اعطائها دورا في المنطقة. وهي تنتظر تقرير وفد الطاقة الذرية الى ايران بحيث اذا بلغت نسبة التخصيب 60% وما دون تكون فسحة التفاوض متاحة، اما اذا وصلت الى 80%، عندها لا مفاوضات بل عقوبات اضافية، علما ان وكالة أسوشيتد برس نقلت امس اعترافا من ايران، بأنها خصبت اليورانيوم حتى درجة نقاء 84 في المئة لأول مرة، وهو ما من شأنه أن يجعلها أقرب من أي وقت مضى إلى المواد المستخدمة في صنع الأسلحة النووية. وتبعا لذلك، تعرب الاوساط عن اعتقادها ان لا رئيس للبنان قبل الاتفاق الاميركي-الايراني ولا حلول في المنطقة.
على هذا النحو تبدو اللوحة اللبنانية الرئاسية حتى الساعة، فهل ثمة من لا زال يراهن على رئيس في الربيع؟ وهل تحمل الاشهر الثلاثة انفراجا وربيعا يضع حدا لجلجلة اللبنانيين؟