العودة الخليجيّة المرتقبة: هذه خلفيّاتها وأهدافها وحدودها!

غداة بيان لافت من حيث مضمونه اصدره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، سُجّلت امس تطورات بارزة على خط العلاقات اللبنانية – السعودية خصوصا واللبنانية – الخليجية عموما. فقد رحبت وزارة الخارجية السعودية عبر حسابها على “تويتر”، بما “تضمنه بيان رئيس الوزراء اللبناني من نقاط ايجابية”، آملة أن “يسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيا ودوليا”، مؤكدة على “تطلع المملكة إلى أن يعم لبنان الأمن والسلام، وأن يحظى الشعب اللبناني الشقيق بالاستقرار والأمان في وطنه والنماء والازدهار”.

بدورها، أصدرت الكويت موقفا مماثلا حيث رحبت “بالبيان الصادر عن ميقاتي، الذي أكّد فيه التزام الحكومة إعادة العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي إلى طبيعتها. وأعربت وزارة الخارجية الكويتية، في بيان، عن ترحيبها “بما تضمنه بيان دولة رئيس الوزراء اللبناني إثر الاتصال مع وزير الخارجية من تجديد التزام الحكومة اللبنانية بالقيام بالإجراءات اللازمة لإعادة لبنان لعلاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي.” وأشارت الخارجية الكويتية إلى أنّها “متطلّعة إلى استكمال الإجراءات البناءة العملية في هذا الصدد وبما يساهم في المزيد من الأمان والاستقرار والازدهار للبنان وشعبه الشقيق.”

وفق ما تكشف مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، فإن بيان ميقاتي لم يأت من عدم بل أتى في سياق مساع توفيقية تقودها باريس في الكواليس بين بيروت والرياض، وصدر بناء على نصائح فرنسية، وقد أريد منه (اي من بيان ميقاتي) إظهار عزم واصرار رسميين لبنانيين على تغيير السلوك الذي كان سائدا في الأشهر الماضية في التعاطي مع الملفات التي تزعج المملكة لناحية الهجمات الكلامية عليها وتصدير الممنوعات اليها انطلاقا من الاراضي اللبنانية، في مواقف من شأنها ان تدفع المبادرة الفرنسية قدما. وهذا تحديدا ما حصل، تتابع المصادر. فحسن النوايا اللبناني هذا، لاقته الرياض في منتصف الطريق. على الارجح، استكمال هذا المسعى سيحصل في قابل الايام، اذ من المقرر ان نشهد عودة لعدد من السفراء والدبلوماسيين الخليجيين الى بيروت خلال ايام، وتفعيلا لمسار المساعدات الانسانية السعودية للشعب اللبناني…

خلفيات هذه العودة مرتبطة بضرورة عدم ترك الساحة المحلية لايران وحدها، وذلك من ضمن تسوية جار طبخها برعاية فرنسية – دولية تقضي بتهدئة الاوضاع في لبنان عبر دوزنة الحضور الايراني فيه واعادة الحضور العربي – الخليجي اليه، ايضا. فبعد انكفاء الرئيس سعد الحريري، لا يمكن ترك الفريق الآخر بفائض قوته يستفرد باللعبة الداخلية خاصة عشية الانتخابات النيابية، ذلك ان انعدام التوازن هذا، سيكرّس سيطرة 8 آذار وايران على القرار الداخلي. من هنا، فإن المملكة وبعد اتصالات مكثفة معها، اقتنعت بأن لا بد من تفعيل وجودها في بيروت. هذا الوجود قد لا يكون من خلال التعاون مع المؤسسات اللبنانية الرسمية، ومع الخزينة والوزارات اللبنانية – سيما وأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جدد بالامس دفاعه عن الحزب ودورِه لبنانيا وعن سلاحه ومقاومته – لكن مجرد حصول هذه العودة دبلوماسيا وانسانيا ايضا، ايجابي ويُبنى عليه. اما اتجاهات لبنان الواضحة وخياراته سياسيا من جهة وكيفية تعاطي اللاعبين الاقليميين معه، من جهة اخرى، فستُحدد نهائيا بعد الانتخابات.

زر الذهاب إلى الأعلى