العيشيّة حكاية صمود: لن نترك أرضنا

حكاية العيشيّة مع التضحيات تاريخية، فالبلدة قد شهدت أحداثاً مأسوية وكتب تاريخها بالمعاناة والصمود. وفي هذه الأحداث الدائرة لم يهجرها أهلها، رغم القصف الذي طال أطرافها واستهدف للمرّة الثالثة على التوالي جسر لحد الذي يَبعد كيلومتراً واحداً عنهم، فلسان حالهم يقول «جرّبنا النزوح في حرب تمّوز 2006 ولن نعيد الكرّة مرة ثانية».

تأثرت البلدة في الحرب كما كل القرى المجاورة ما انعكس سلباً على الواقع الاقتصادي والمعيشي. في المرّة السابقة، استهدف القصف الإسرائيلي أطراف بلدة المحمودية، وهي تُعدّ حيّاً من بلدة العيشية، يقطنها حوالى 4 عائلات يعملون في الزراعة أسوة بأهالي العيشيّة. لم يغادروا منازلهم وفق تأكيد مختار العيشية طوني عون، قائلاً إنهم «يفضّلون البقاء رغم كلّ الصعاب على مغادرة أرضهم. هي تعبهم ورزقهم، مضيفاً: «لوين بدّن يروحوا، النزوح مذلّ». يجول عون خلال النهار على أهالي البلدة، رافضاً مغادرة البلدة كما كاهن الرعية بل يشدّد على «أننا باقون هنا حتى لو تطوّر القصف».

صمد أهالي العيشيّة في منازلهم 13 يوماً في حرب تموز قبل أن يغادروها، هذه المرة لن يرحل أحد، رغم أن أصوات القصف أمس «مرعبة ومخيفة، لم نسمع مثلها سابقاً»، يقول عون وهو يعاين مكان الغارة التي استهدفت أطراف المحمودية من ناحية جسر لحد: «لا أعرف السرّ وراء استهداف المكان ثلاث مرّات متتالية، وهو مكان فارغ».

في العادة يمضي عون يوم الأحد في مشروعه السياحي الذي افتتحه بداية الصيف، غير أن الأحداث الأمنية شلّت حركته نهائيّاً، فالمشروع يبعد كيلومتراً عن القصف. وحده المزارع والحطّاب لم يتأثّرا بما يحصل. ما زال أبو طوني يزرع أرضه في موسمها الشتوي. فالأرض حياته ورزقه وعرق الأجداد، فكلّ من يقطن البلدة يعتمد على الزراعة. لا يرغب أبو طوني في مغادرة منزله لأنه كما يقول «الهروب استسلام ونحن لا نستسلم، هذه أرضنا ولن نترك العدو الإسرائيلي ينتصر بهروبنا»، ويتابع: «حتى في حرب تموز لم أغادر، النزوح مذلّ جدّاً»، يتوقف قليلاً أثناء سماعه أصوات الغارة المرعبة، ثمّ يستكمل زراعته «الحياة بدّا صمود ونحن صامدون». وهذا ما يشير إليه عون أنّ من يعمل في الأرض هو الأكثر تشبّثاً بها، فالكل باقٍ هنا رغم ارتفاع حدّة الاشتباكات في الأيام الأخيرة».

في السياق، ينفي عون تعرّض محيط كنيسة العيشيّة والجرمق للاستهداف، لافتاً إلى أنّ القصف لا يزال بعيداً عن البلدة نسبيّاً، ولكن الخوف والقلق يسيّجان البلدة».

وسّع الجيش الإسرائيلي غاراته في العمق الجنوبي، كل يوم تدخل بلدة محور القصف ومرمى النيران، رغم ذلك يشدّد السكان على البقاء وعدم النزوح لأنّهم يعتبرون أن من ترك منزله استسلم وأعطى انتصاراً للعدوان الإسرائيلي.

Exit mobile version