يمكن الاستنتاج أنّ ثمة حراكاً جديداً فرض نفسه على حلبة الاستحقاق الرئاسي، ولو أنّ كلّ المؤشرات «بالشكل» لا تشي بأيّ تطور، بدليل أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يقفل باب الدعوات لجلسات انتخابية بعدما توقف العداد عند الرقم 11. غير أنّ المشاورات الحاصلة في صفوف قوى الثامن من آذار وتحديداً بين الثنائي الشيعي ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وبعض الحلفاء تبيّن أنّ التطورات الخارجية معطوفة على تلك الداخلية، قد تنتج حركة ما خلال الأسابيع القليلة المقبلة، تعيد فتح أبواب البرلمان.
ينطلق المتحمّسون لانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، من الحراك الاقليمي الحاصل والذي قد يحمل مناخات ايجابية تزيد من حالة التقارب، سواء على المستوى السعودي – الإيراني أم على المستوى السعودي – السوري (أبلغ السوريون حلفاءهم عن قرب زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى دمشق)، ليقولوا إنّ هذه المناخات تصبّ حصراً في مصلحة رئيس «تيار المردة» دون سواه لكونه أكثرهم مواءمة لهذه التقاطعات الاقليمية في حال سلكت مساراً تفاهمياً.
ويضيف هؤلاء أنّ نتائج اللقاء الخماسي في فرنسا انتهى إلى شطب ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، أقله في هذه اللحظة بالذات، على اعتبار أنّ تغيّر المعطيات السياسية من شأنه أن يغيّر المشهدية الرئاسية أيضاً. ويقولون إنّ استبعاد اسم العماد عون ناتج بشكل أساس عن الفيتو المرفوع من جانب «الحزب» فضلاً عن حاجته إلى أغلبية 86 صوتاً، ربطاً بالتعديل الدستوري، ما يعني أنّ معركة ترئيسه دونها عقبات كثيرة، لا يزال من الصعب تجاوزها. وهذا ما أدركته الدول الخمس التي شاركت في اللقاء الباريسي.
ويشيرون إلى أنّ خلاصة الجولة التي قام بها سفراء الدول على المسؤولين اللبنانيين، تثبت هذا المنحى بدليل أنّ أبرز ما التقطه بري من السفراء، هو رغبة هذه الدول بدفع الكتل النيابية إلى التفاهم وانتخاب رئيس فوراً من دون أي تأخير. وبما أنّه في جيب فرنجية حوالى 50 صوتاً وهو بالتالي يحتاج إلى 65 صوتاً ليصير رئيساً، بينما منافسة الأبرز، أي العماد عون يحتاج إلى 86 صوتاً، غير مؤمنة، ودونها صعوبات، هكذا يصير فرنجية أقرب إلى جذب التفاهم الداخلي على اسمه. وفق هؤلاء، فإنّه يكفي لرئيس «تيار المردة» أن يقترب من حافة الـ60 صوتاً، لكي تتكوّن كرة ثلج تأييدية، توصله إلى عتبة الـ65 صوتاً، ليصير رئيساً للجمهورية، خصوصاً وأنّ «الحزب» تجاوز حاجز شراكة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في طبخة ترئيس فرنجية. ويكشفون أنّ المسؤولين الفرنسيين يعلنونها بشكل واضح لا لبس فيه: اتفقوا على أيّ رئيس. المهم انجاز الاستحقاق بأسرع وقت. وهي نقطة تُسجل أيضاً في رصيد فرنجية.
ولكن هل من مصلحة فرنجية وحلفائه أن يصير رئيساً من دون تسوية دولية تساعد على لجم الانهيار المالي والاقتصادي؟ يجيب المتحمّسون له إنّ هناك حرصاً من جانب هذا الفريق بتأمين تسوية تقي العهد شرّ السقوط في قعر الانهيار المتدحرج، لكنها قد تتأجل إلى ما بعد الاستحقاق الرئاسي في حال بدا تأمينها قبل الانتخابات صعباً. يشيرون إلى أنّه حتى الآن، لا يزال الموقف السعودي عند حافة «هاتوا رئيساً يناسبنا وخذوا المساعدات»، ما يعني أنّه لم يقرب حاجز الضغط على بعض الكتل النيابية، منها مثلاً «اللقاء الديموقراطي»، أو النواب السنة، كي لا يصوّتوا لفرنجية، أو يتسلّحوا بالمقاطعة.
ويشيرون إلى أنّ ثمة مناخاً اقليمياً مختلفاً، قد يتطور بشكل ايجابي وينعكس على الداخل اللبناني، خصوصاً من البوابة السورية اذا ما انطلقت مرحلة إعادة الإعمار التي ستكون فرصة لتحسين وضع الاقتصاد اللبناني. ولهذا من غير المستبعد أن يدفع مؤيدو رئيس «تيار المردة» باتجاه تعزيز رصيده النيابي كي يلامس حافة الـ60 صوتاً، والأرجح في هذه الحال، يمكن العمل على تسوية دولية، سواء قبل الانتخابات أو بعدها، ويفترض أن تتضمن هذه التسوية: حاكمية مصرف لبنان، قيادة الجيش، والاستثمارات في بعض القطاعات المهمة منها على سبيل المثال لا الحصر مرفأ بيروت…
ولهذا يعتقد المتحسمون لفرنجية أنّ هذا «الديل» ليس صعب المنال، والبحث يتركّز في هذه المرحلة على بلوغ حافة الـ60 صوتاً ومن بعدها لكل حادث حديث.