“القوات” كابوس باسيل و”الحزب” اليومي
لا يشغل بال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل غير حزب القوات اللبنانية الذي بات يشكّل كابوساً فعلياً بالنسبة إليه، ولم يترك وسيلة في محاولات فاشلة لمحاصرة “القوات” انتخابياً، إذ بات يخصص وقتاً للهجوم على “القوات” في كل مناسبة وإطلالة أو حتى في تغريداته، لا بل وصل إلى حد حرمان المغتربين من التصويت عن طريق القناصل التابعة لـ”الوطني الحر”.
وفي نظر باسيل، تخطت “القوات” المبلغ المخصص للإنفاق الانتخابي الإعلامي، ما دعاه إلى تقديم اقتراح قانون في هذا الشأن، لكن مهلاً، هل سأل “رئيس الظل” يوماً عن قيمة الهدر لسلفات الكهرباء التي قدمها هو ووزراؤه خلال ولاياتهم وزارة الطاقة، من خزينة الدولة؟
ويبدو أيضاً أن “الكابوس القواتي” يطارد حليف باسيل الحزب الذي أعلن الجهاد الأكبر في دائرة بعبلك الهرمل وجنّد بيئته لمواجهة عضو تكتل الجمهورية القوية النائب انطوان حبشي. وفي السياق، بلغت الحماوة الانتخابية أوجها مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، والتي ستسبقها انتخابات المغتربين المقررة في عدد من الدول في السادس والثامن من أيار المقبل التي تسجل للمشاركة فيها نحو 225 ألف ناخب في 59 دولة.
ولفت في الساعات الماضية اتهام قوى سياسية التيار الوطني الحر بالعبث في هذه الانتخابات من خلال قناصل تابعين له في الخارج، إذ اتهمت مصادر قيادية في حزب القوات اللبنانية قناصل تابعين لـ”التيار الوطني الحر” بتعمد عدم نشر لوائح الشطب وتحديد مراكز اقتراع مغتربين في الدول المسجلين فيها، للحؤول دون مشاركتهم في الانتخابات.
وأشارت المصادر في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أنه وكما يعلم الجميع “فالمساحات شاسعة في الدول ما قد يضطر الناخب مثلا إلى التوجه إلى مراكز الاقتراع عبر الطائرة أو تنظيم أوقاته لقيادة السيارة لساعات، وبالتالي إذا تم تحديد المراكز قبل يومين مثلا فكثيرون لن يتمكنوا من ترتيب وضعهم للمشاركة في الانتخابات”.
وأضافت، “ما يحصل متعمد وعن سابق تصور وتصميم والهدف منه خفض نسبة اقتراع المغتربين. فبعد محاولة تطيير انتخابهم من خلال السعي لفرض الدائرة 16 لفصل المغترب عن واقعه السياسي، نحن اليوم بإطار محاولة تطيير جزئي لعملية انتخابهم، وهو أمر نتابعه عن كثب لوضع حد له ووضع المقترعين في صورة مراكز الاقتراع التي سيصوتون فيها”.
بدوره، دعا الحزب جمهوره ومحازبيه لعدم الاسترخاء وهو يستعد لخوض الانتخابات النيابية المقررة في 15 أيار المقبل وعدم الركون إلى ما يتردد على لسان بعض خصومه وما يُنقل عن سفارة الولايات المتحدة في بيروت بأنه وحلفاءه سيحافظون على الأغلبية النيابية أو سيحصلون على ثلثي الأعضاء في البرلمان العتيد، معتبراً أن هناك «من يريد طمأنة مؤيدينا بأن لا حاجة لإقبالهم بكثافة على صناديق الاقتراع، ومشدداً، كما تقول مصادره لـ”الشرق الأوسط”، على ضرورة الحضور بشكل غير مسبوق إلى مراكز الاقتراع، لافتة إلى أن هناك من يريد التحريض على الحزب من خلال استطلاعات الرأي التي ترجح سيطرتنا وحلفائنا على البرلمان بأكثرية نيابية ساحقة تصل إلى ثلثي أعضائه.
وتأتي دعوة الحزب لجمهوره ومحازبيه لإعلان “الجهاد الأكبر” في اليوم الانتخابي في سياق إصراره على محاصرة الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية بمنع مرشحه عن المقعد الماروني عن دائرة بعلبك – الهرمل النائب أنطوان حبشي من الحصول على الحاصل الانتخابي الذي يؤمن له الفوز، ويسعى منذ الآن إلى رفع الحاصل إلى نحو 20 ألف صوت ما يقفل الباب أمام عودته للبرلمان، خصوصاً أن الحزب يضغط على الناخبين لعدم الاقتراع له بعد أن ضغط على عدد من المرشحين لإثنائهم عن التحالف معه.
مالياً، يتجه لبنان إلى التخلي قريباً عن نظام “السرية المصرفية” الذي يعتمده منذ ستة عقود ونيف، من ضمن التماهي مع المتطلبات التي تم التوافق على التزامها من قبل السلطات التنفيذية والتشريعية، توطئة لتحويل صيغة الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي إلى اتفاقية برنامج تمويلي بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 4 سنوات.
ويؤكد مسؤول مصرفي معني لـ”الشرق الأوسط”، أن مشروع القانون المعجل الرامي إلى إقرار حزمة من التعديلات المقترحة على مجموعة قوانين نافذة وذات صلة بالسرية المصرفية، من شأنه أن يؤسس لحقبة مصرفية جديدة تتوافق مع المتطلبات الدولية الأحدث والخاصة بسد منافذ الأموال المشبوهة ومنع مرورها في القنوات المصرفية. وبذلك يتم الخروج تماماً من ستار «السرية» الذي يثير شبهات تتعدى بضررها ما يمكن أن يتم تحصيله من مغانم.
وتعول الأوساط المالية والمصرفية على تمكن الحكومة ومجلس النواب من إحداث خرق مهم على مسار تسريع إقرار مجموعة القوانين – الشروط، خلال الأسبوعين المقبلين وقبيل الانشغال التام باستحقاق الانتخابات النيابية منتصف الشهر المقبل. وثمة إشارات مشجعة بخاتمة نوعية لولاية المجلس الحالي وانطلاقة قوية ومسبقة للمجلس الجديد، تستند إلى إمكانية عقد الهيئة العامة للمجلس جلسة أو أكثر تفلح بإنضاج وإقرار عدد من مشاريع القوانين الإصلاحية المحالة من قبل الحكومة، إلى جانب مشروع قانون موازنة العام الحالي.
ويؤكد المسؤول المصرفي، أن ما يعتمده لبنان من أنظمة متداخلة في حفظ المدخرات وإدارة الأموال لم يعد منسجماً مع القواعد المحدثة في المنظومة المالية العالمية ومع المتطلبات الصادرة عن الهيئات الدولية المعنية بمنع مرور عمليات أو تحويلات مالية عبر القنوات المصرفية. ومن شأن تحديث البنية القانونية لإدارة الأموال والجهاز المصرفي، والمقبل بدوره على خطة إعادة هيكلة، ليس فقط تأكيد التزام الدولة بشروط الصندوق، إنما تصحيح أوضاع القطاع المالي بكامله والتحضير لإعادة تموضعه السليم في الأسواق الدولية.