“القوات” لبيلاطس إيران: “إيدك عن لبنان”
انتهت عطلة عيد الفصح لدى الطوائف التي تتبع التقويم الغربي، وقام سيدنا المسيح من بين الأموات وانتهت طريق الجلجلة بالقيامة، إلا أن لبنان لا يزال على دروب طويلة من سلسلة جلجلات، والأزمات تجلد جسمه من كل حدب وصوب، واليوضاسيون كثر لا ينفكّون عن خيانته وتسليمه إلى بيلاطس الإيراني بحفنة من مرشحين جمعتهم شهوة السلطة والمصالح في اتفاق مار مخايل.
ولا أحد هرع إلى نجدة لبنان وحمل الصليب عنه، وحدها القوات اللبنانية تحمّلت المسؤولية ووضعت يدها على سوط الجلاد صارخة، “إيدك عن لبنان”.
ومن دروب الجلجلة يطل المشهد الانتخابي حاملاً معه بارقة أمل نحو التغيير المنشود، إذ أن المعركة الانتخابية في دائرة بعلبك الهرمل تبدو محتدمة وفقاً لمسؤول الماكينة الانتخابية في حزب القوات اللبنانية وسام راجي الذي اكد عبر “الشرق الأوسط” ان “الأولوية في المعركة الانتخابية بدائرة بعبلك الهرمل هي للحفاظ على مقعد النائب أنطوان حبشي في ظل تشتت الصوت السني.
واوضح أن “تحالفهم مع حيثيات سنية محلية من المفترض أن يساعدهم على تأمين الحاصل الانتخابي”.
ورأى راجي في تصريح لـ”الشرق الأوسط” أن المعركة ستكون محتدمة، مشيراً إلى أن “فوز حبشي مجدداً سيكون بأصوات مسيحية، بخلاف فوز مرشح (التيار الوطني) الماروني كما المرشح الكاثوليكي على لائحة (الثنائي) الذي سيكون بأصوات شيعية”.
وذكّر بأن “حبشي حصل على أكبر عدد من الأصوات التفضيلية المسيحية على صعيد كل لبنان في الانتخابات الماضية”.
سياسياً، برزت سلسلة مواقف لافتة خلال عطلة العيد، فبعدما اتهم رئيس الجمهورية ميشال عون “ثنائي حركة امل والحزب” بتعطيل التشكيلات القضائية المتعلقة برؤساء محاكم التمييز، من دون ان يسمّيهما، أكدت مصادر هذا الفريق لـ”الجمهورية” انّ رئيس الجمهورية يستطيع ان يقول ما يحلو له، ولكن هذا لا يغيّر انّه عارف بالأسباب الحقيقية للإشكالية القضائية القائمة والمتعلقة برؤساء محاكم التمييز.
وأضافت، “وهو عارف ايضاً بكل التباسات التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وتلك حقائق لا تحجبها محاولة التعمية عليها بتوجيه الاتهام بالتعطيل وغير ذلك الى أطراف آخرين. وفي خلاصة الكلام انّ التهمة مردودة لا اكثر ولا اقل”.
وأتت عظة “الفصح” لتصوّب بالعمق على عقم الطبقة السياسية الحاكمة في إنتاج الحلول اللازمة لانتشال اللبنانيين من أزمتهم، فكان البطريرك الماروني بشارة الراعي واضحاً، على مسامع رئيس الجمهورية ميشال عون، في دعوة الناخبين إلى انتفاضة ديمقراطية في صناديق الاقتراع لكسر قيود “الهيمنة والتسلط… فلا يبقى سوى جمهورية واحدة وشرعية واحدة وسلاح واحد وقرار واحد وهوية لبنانية جامعة”، مبدياً في هذا السياق أعلى درجات التصميم على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها تمهيداً لتأمين انتخاب رئيس جديد للجمهورية والشروع في رحلة الإصلاح “كممر ضروري للنهوض بالبلاد”، مع التشديد على أنّ “الإصلاحات لكي تأخذ كامل مداها تحتاج إلى أن يرافقها بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وتوحيد السلاح والقرار، عملا بقرارات مجلس الأمن، واعتماد الخيارات الاستراتيجية التي تعزز علاقات لبنان مع محيطه العربي والعالم الديمقراطي”.
وعلى هامش قداس العيد في بكركي، عقد الراعي خلوة مع رئيس الجمهورية ركزت في جوهرها على “ثلاثة مواضيع أساسية” كما نقلت مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن”، موضحةً أنّ “موضوعها الأول تمحور حول وجوب ضمان حتمية إجراء الانتخابات النيابية في 15 أيار أياً كانت الظروف والاعتبارات، لأن ذلك سيكون بمثابة مؤشر الانطلاق نحو المرحلة المقبلة، والتأكيد على عدم وجود أي نوايا للإخلال بروزنامة مواعيد الاستحقاقات الدستورية، وتحديداً إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده”.
كما ركزت الخلوة من ناحية ثانية على ضرورة “الإسراع في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس مكلف تأليف الحكومة الجديدة بعد انتهاء الانتخابات النيابية، كون الحكومة الحالية ستكون بحكم المستقيلة من تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، وانتخاب رئيس مجلس نواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس، والعمل على أن تبصر الحكومة النور في وقت قياسي لا يتجاوز تاريخ الثاني عشر من حزيران المقبل”، وانطلاقاً من ذلك، لفتت المصادر إلى أنّ الموضوع الثالث الذي تم التشديد عليه خلال خلوة بكركي هو “أن تكون زيارة البابا فرنسيس يومي 12 و13 حزيران إلى بيروت مكتملة الواجبات الدستورية اللبنانية، بحيث يكون هناك مجلس نيابي جديد وحكومة جديدة، في رسالة لبنانية واضحة إلى الحبر الأعظم تؤكد وجود إرادة لبنانية بتغيير سلوك التمييع والتعطيل وهدر الوقت، الأمر الذي سيشجع حتماً على نيل المزيد من الإحاطة البابوية للبنان”.
وأشارت المصادر إلى أنّ “زيارة البابا فرنسيس هي بمثابة مظلة دولية ومعنوية كبيرة للبنان في ظل المخاطر التي تتهدد الكيان، ومن الواجب بالتالي تحويل هذه الزيارة الى مناسبة للتلاقي الحقيقي بين جميع مكونات وقوى الطيف اللبناني، والانطلاق وفق نهج جديد من شأنه أن يخفف عن كاهل الشعب اللبناني بعضاً من الويلات والمآسي التي أوصلت معظم أبنائه إلى حالة الفقر المدقع”.