تتكرّر في جلسات اللبنانيين عبارات باتت تشبه المسلّمات. وآخرها بعد الأزمة، أنّه إذا حُلّت بالسياسة تُحلّ بالاقتصاد، فأزمتنا سياسيّة أكثر منها اقتصاديّة. فما حقيقة ذلك؟ وهل فعلاً تُحلّ على الصعيد الاقتصادي إذا حُلت سياسيًّا؟
يلفت مدير معهد دراسات السوق د. باتريك مارديني، في حديثٍ لموقع mtv، إلى أنّ “أبرز ما يتم التركيز عليه، عندما نتحدث على الصعيد الاقتصادي، هو ضرورة القيام بمجموعة من الإصلاحات لها علاقة بالسياسة الماليّة وبإصلاح القطاع المصرفي والكهرباء والإصلاحات النقدية وغيرها. وكي نتمكن من القيام بهذه الإصلاحات، نحن بحاجة إلى حكومة فعليّة ومجلس نوّاب قادر على التشريع”.
إذاً العلاقة مترابطة وضرورية بين السياسة والاقتصاد، و”لذلك الفراغ على المستوى السياسي أي في رئاسة الجمهورية وعلى المستوى الحكومي يجعلنا عاجزين عن القيام بالإصلاحات. وبسبب الفراغ هذا، الدولة غير قادرة على القيام حتى بالإصلاحات المطلوبة من قبل صندوق النقد”.
ولكن يبقى السؤال، إذا انتهى الفراغ في المؤسسات هل يعني ذلك أنّ الوضع سيتحسّن؟
“طبعاً لا” يقول مارديني، مضيفاً: “شرط وجود حكومة أصيلة ورئيس للجمهورية ومجلس نواب يقوم بالتشريع ضروري، إلا أنّه لا يعني أنّ أزمتنا حُلّت. فحتى في ظلّ وجود رئيسٍ وحكومة، من دون القيام بالإصلاحات اللازمة، لن يغيّر الوضع. وبالتالي “مش يعني إذا انحلّت بالسياسة طلع البلد من أزمته”. فالبلد يخرج من أزمته إذا أتى التحسّن السياسي بأشخاص يريدون العمل فعلاً من أجل البلد واتخاذ الإجراءات المطلوبة في كافة القطاعات”.
ورغم أنّ الحلّ السياسي يُعيد القليل من التفاؤل للأسواق وممكن أن يؤدي إلى حصول حركة في البلد وإعطاء فترة سماح موقتة إلا أنّها تبقى غير كافية من دون أن تستتبع بخطوات إصلاحية أخرى، وفق ما يقول الأخير، خاتماً: “السياسة تعرقل الإصلاح ولكنّ الحلّ السياسي وحده غير كافٍ للإصلاح إنّما يكون البداية ويجب أن يستتبع بإجراءات اقتصادية إنقاذيّة”.