الياس اسطفان “الزحلاوي”- الأميركي الذي لم يصدّق عون يوماً

حين يكتفي الياس أندره اسطفان بالتعريف عن نفسه بأنه “زحلاوي” ويسكت، يظن سائله أنه يفتقد أدوات التعبير والقدرة على شرح أفكاره.

سريعاً يبدد نائب زحلة المنتخب عن مقعد الروم الأرثوذكس هذا الانطباع، فيسيل كلامه في السياسة والاقتصاد بوضوح وحزم، مطعّماً بـ”احلام كبيرة” لشاب يراهن على “الإرادة والاندفاع وحب البلد وأهله” ليصنع فرقاً.

العودة إلى زحلة

يكشف ذلك شيئاً عن مقصده أن تكون “زحلاويا”. هو مزيج من شهامة وحماسة وإقدام “حيث لا يجرؤ الآخرون”. لكن في ذلك أيضاً ترنّح على حافة التهور والأوهام والمبالغات.

يملك اسطفان الجنسية الأميركية بالولادة (1975)، كون أمه لينا لاوند، أميركية من أصول لبنانية. أكمل تخصصه في الولايات المتحدة وحاز على ماستر في القانون من جامعة فوردهام- نيويورك. لكنه يحفظ من زحلة ولها “خصوصية المدينة التي توسعت وبقي أبناؤها أهل ضيعة واحدة، تجمعهم مشتركات كثيرة ويعرفون بعضهم البعض ومدينتهم جيداً”.

الياس اسطفان الذي عمل لسبع سنوات في الولايات المتحدة، أسس شركة محاماة منذ 17 عاماً في دولة الإمارات ولم ينقطع عن زحلة.

عام 2018 قرر الترشح إلى الانتخابات النيابية. قصد “معراب”. فاتح رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع. وصلت المفاوضات إلى مرحلة متقدمة قبل أن تحسم الحسابات والإحصاءات اختيار الحزب سيزار معلوف.

يومها قرر اسطفان أن يكثف حضوره في زحلة. انتقلت عائلته، زوجته ناديا سكر وابنته آشلي (12 سنة) إلى لبنان. وعلى امتداد السنوات الأربع الماضية، كان يأتي إلى لبنان كل خميس ليسافر من جديد يوم الأحد إلى عمله.

اليوم، صار المحامي الناجح نائباً في “تكتل الجمهورية القوية” التي “تجسّد قناعاتي والتزامي بالخط السيادي وطموحي ببناء دولة القانون”. فإلى أين من هنا؟

“إلى الكثير من العمل، على مستوى لبنان، كما على مستوى القضاء”، كما يقول.

يعتبر أنه قادر بسبب خبرته القانونية على “العمل في مهمة النائب الاساسية، اي التشريع وتطوير القوانين وجعلها تواكب متطلبات البلد”.

Dream team

ألا يجعله ذلك على تنافس مع زميله على اللائحة النائب جورج عقيص، خصوصاً أن كلاماً كثيراً قيل في فترة الانتخابات عن “صراع ضمني” بينهما؟

يبتسم اسطفان قائلاً: “من سوّق هذا الكلام استند إلى قانون الانتخاب الذي يتنافس فيه المرشحون على الصوت التفضيلي، لكنه لا يعرف مطلقاً طبيعة العلاقة التي تجمعني بجورج. هي صداقة عمرها 40 سنة، ويوم كان في أبو ظبي عملنا معاً ومقاربتنا لكثير من الأمور متشابهة. في الحقيقة، أظن أننا نشكل “Dream team” لخير زحلة والقضاء ولبنان. ويتعزز ذلك من خلال كتلة “الجمهورية القوية”، التي تملك برنامجاً متكاملاً سنعمل على تطبيقه”.

هل يرى الأمور سهلة إلى هذه الدرجة؟

يجيب جازماً “طبعا لا. أنا متفائل ولكنني واقعي. وسننتظر لنرى كيف سيكون العمل والأداء في المجلس النيابي وخارجه. هل ستبقى المناكفات قائمة؟ هل سيستمر شدّ الحبال حتى تتقطّع بما تبقى من دولة؟ الدولة اليوم أشلاء والمطلوب إعادة ترميمها، ونحن نملك خريطة طريق لإنقاذ البلد”.
“نحن” يعني فيها بحسب قوله “القوات اللبنانية أولاً وكل النواب السياديين”.

أب الثورة وأمها

الياس اسطفان الذي شارك مع ابنته في تظاهرات 17 تشرين في أيامها الأولى. انسحب لاحقاً “لغياب التوافق على العناوين المشتركة وضبابية الأهداف والالتزام ببرنامج”. لكنه يؤكد “يدنا ممدودة للتعاون مع الجميع، وأتمنى أن نتحالف مع كل النواب التغييريين الذين نجحوا. الانتفاض على الواقع المرير ليس حكراً على أشخاص أو فئة. نحن أب الثورة وأمها. لا يمكن مطلقاً وضع القوات اللبنانية تحت المظلة نفسها مع القوى التي شاركت وأمعنت فساداً في السلطة. ونحن لن نهدأ إلى أن نبني الدولة المنشودة”.

وعن خريطة الطريق لبناء تلك الدولة يقول “لسنا في زمن المعجزات والوضع صعب، لكن يمكن المراهنة على مجموعة عوامل وزرع بذور الإنجاز ورعايتها، فتزهر انتظاماً على كل مستويات البلد. لبنان بلد صغير واقتصاده كذلك. وهذه نقطة إيجابية يمكن البناء عليها. لكن ذلك يحتاج إلى مجموعة إجراءات تبدأ من ضبط الحدود ووقف التهريب، ولا تنتهي بتحسين علاقاتنا مع كل دول العالم، خصوصاً الدول العربية”.

لم أصدّق عون يوماً

وهل ذلك ممكن قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟

يبتسم متذكراً حين كان تلميذاً في الجامعة اليسوعية “وكان رفاق لي كثرٌ يصعدون إلى بعبدا. أنا لم أصدق ميشال عون وطروحاته يوماً. وتبيّن معي حق”. يضيف “الأكيد أنه يجب البدء بالمعالجات فوراً وتغيير أسلوب التعطيل والتجاوزات ووقف الفساد، وبداية ترميم الدولة. هل سيفعل ذلك؟ أتمنى، وإن كانت الآمال ضئيلة”.

محسوم أن “القوات” لن تنتخب الرئيس نبيه برّي. ماذا عن نيابة رئاسة المجلس؟

هل يمكن أن تعود إليه، خصوصاً أنها كانت سابقاً في البقاع ولمحام أرثوذكسي؟

يقول إن “هذا القرار يعود للحزب، وأنا التزم به، وإن كنت دائماً مستعداً للعمل في أي منصب يطلب مني”.

نال الياس اسطفان 6758 صوتاً تفضيلياً، الحصة الوازنة فيها في صناديق النساء! يبتسم، مكتفيا بالقول “إذا صح ذلك، فالتحدي أكبر، لأن النساء صارمات في المحاسبة”.

زر الذهاب إلى الأعلى