انتخابات المغتربين: اندفاعٌ وقلق!

كثيرة هي الملابسات التي تحيط بالإستحقاق الإنتخابي المنتظر في 15 أيار، فمن موجات التشكيك بإمكانية إجرائها إلى الشائعات التي تتسرب من هنا وهناك عن بدع جديدة ينبشها المتضررون من نتائج هذه الإنتخابات بهدف تطييرها وصولا إلى شوائب إنتخابات المغتربين. فإلى الحديث المتزايد عن “ضعف لوجستي” يشوبها، برزت تفاصيل عما يتردد ان وزارة الخارجية ترتكبه بحقّ المغتربين، ما دفع برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى تحميل وزير الخارجية عبدالله بو حبيب المسؤولية عنها، “خدمة” لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وحلفائه، الذين لم يخفوا أساسًا منذ اليوم الأول “رغبتهم” بإلغاء هذا الشقّ من الانتخابات، وعليه تقدّم تكتّل الجمهورية القوية من الأمانة العامة لمجلس النواب، بطلب عقد جلسة للهيئة العامة للمجلس النيابي بهدف طرح الثقة بوزير الخارجية عملا بالمادة 37 من الدستور، “بسبب الارتكابات والمخالفات الجسيمة التي تقوم بها الوزارة في موضوع توزيع الناخبين وفق الرمز البريدي، بدل اعتماد المركز الأقرب إلى مكان السكن، مرورا بلوائح الشطب التي باتت في “عهدة” باسيل في حين أنها ممنوعة على الأحزاب، وصولاً إلى “شكاوى” بدأت ترد من المغتربين على خلفية اتصالات يتلقونها من ماكينات “التيار الوطني الحر”. وعند السؤال عن صحة الشائعات التي بدأت تنتشر في سماء الإغتراب حول تطيير الإنتخابات يأتي الجواب “الانتخابات حاصلة حاصلة”.

السفيرالسابق هشام حمدان ينطلق في توصيفه الإجراءات التي اتخذها سفراء في عملية الإنتخابات في الخارج من مثل المتنبي القائل: “إذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فشيمة أهل البيت كلهم الرقصُ”. ويقول ل”المركزية” منذ بداية العهد تحولت الوزارات إلى إمارات في إطار سياسة المحاصصة ووزارة الخارجية اليوم ليست إلا إمارة تابعة للتيار البرتقالي. ومنذ تولي النائب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حقيبة الخارجية كان همه الأساسي تجييش الإغتراب طائفيا لحساب مصالحه السياسية والإنتخابية حتى أنه وضع آلية لتنفيذ خطته ولا يزال مستمرا في نهجه حتى بعد خروجه منها وتولي السفير السابق عبدالله بوحبيب الحقيبة. فهل نتوقع أن يسمح باسيل التفريط بكل “الجهود” التي وضعها لتحويل الخارجية إلى إمارة يضرب فيها بالدف على هواه”؟.

بين جدران المتضررين من الإنتخابات تدور “نقاشات دستورية” حول ما إذا كان تعطيل انتخابات المغتربين يلغي الاستحقاق برمّته، ولا سيما أنّه يجعله قابلاً للطعن، طالما أنّ القانون نصّ بوضوح على أنّ اقتراع المغتربين جزء من الانتخابات. فهل يلتزم السفراء والقناصل الصمت إزاء ما يرتكب بحق المغتربين؟

ويضيف: “السفراء موظفون في إمارة التيار البرتقالي، وولاء حوالى 90 في المئة من الديبلوماسيين والسفراء والقناصل ليس للوطن إنما للسياسيين الذين عينوهم في مناصبهم ، من هنا لن نتوقع أن يقوموا بأية خطوة تزعج “أسيادهم” حرصا على مصالحهم الشخصية. ولو كانت النوايا صافية لإجراء انتخابات ديمقراطية لكانوا اعتمدوا آلية تضمن سلامتها”. وفي هذا الإطار، يكشف السفير حمدان عن الإقتراح الذي تقدم به قبل 10 أعوام أمام الدولة اللبنانية ويقوم على عقد اتفاقيات مع حكومات دول الإغتراب وتنص على اعتماد مراكز محايدة لاقتراع المغتربين ووضع آلية مراقبة من قبل سلطات الدول المستقلة على غرار ما يجري في دول العالم المتقدم. لكن الإقتراح لم يلق جوابا لأنه لا توجد نية بأن تكون هناك انتخابات ديمقراطية ونزيهة إنما استغلال لمصالح وحسابات السياسيين ورؤساء الأحزاب”.

وعن حماسة المغتربين للإقتراع يؤكد حمدان أن “ثمة اندفاع يشوبه قلق بسبب الصعوبات اللوجستية وعدم اعتماد بعض السفارات مبدأ تسجيل اللبنانيين الذين يدخلون الدول مما يحول دون إمكانية إحصائهم وتبليغهم أن انتخابات نيابية ستجري في وطنهم الأم لبنان في 15 أيار المقبل”. ويضيف”مع انطلاق الحراك الإنتخابي سعينا إلى تحريك الجمعيات والمؤسسات اللبنانية في الخارج وقمنا بعملية مسح لتحديد أماكن المغتربين وتحفيزهم للإقتراع وشملت هذه المبادرة دولا عديدة منها فرنسا والمكسيك والأرجنتين وأستراليا لكن غالبية هذه المؤسسات تحمل طابعا دينيا أو حزبيا. من هنا لم تلق المبادرة تجاوبا”.

وكما في الداخل كذلك في دول الإغتراب” فوضى وتبعية. فالمتحمسون ينقسمون إلى فئتين:فئة المحازبين وولاؤهم لزعيم الحزب طبعا، ويتم تمويلهم بالمال الإنتخابي مع تأمين ثمن بطاقات السفر من ولاية إلى أخرى. والفئة الثانية مندفعة بولائها وحسها الوطني وهي تطمح بالتغيير. إلا أن تشتت لوائح المجتمع المدني أصابها بنوع من الإحباط لذلك من المرجح أن تقترع إما بورقة بيضاء في حال كانت قريبة من مراكز الإقتراع أو ستقاطع”. وعلى ذكر المقاطعة يلفت إلى أن هذه الفئة تتوزع بدورها بين “المقاطعين إراديا لأنهم على يقين بأن هذه الإنتخابات لن تحدث تغييرا أو لأسباب لوجستية وانعدام الحماسة. أضف إلى ذلك أن ثمة مقترعين في بعض دول الإغتراب لم يتعرفوا إلى مرشحيهم ولم يسمعوا ببرامجهم الإنتخابية”.

ويختم تعليقا على طلب تكتل نواب الجمهورية القوية عقد جلسة لطرح الثقة بوزير الخارجية بأنها مجرد تسجيل موقف”إذ لا شيء سيتغير في إمارة يحتضنها التيار البرتقالي وترعاها إيران. وسفراء الإمارة يشكلون فيها الأغلبية. وأرجح أن تكون نسبة المقاطعين مرتفعة لأن انتخابات المغتربين المقبلة مهزلة”.

زر الذهاب إلى الأعلى