بازار رئاسة الحكومة فُتح: نواف سلام مجدداً مع فارق جوهري

إنطلاقاً من استحقاق انتخاب رئيس مجلس نواب يمكن التنبؤ أن الاستحقاقات المقبلة وفي ضوء تغيّر موازين القوى النيابية لن تكون سهلة بعد اليوم. وان المناكفات والنكايات السياسية ستتقدّم اي اعتبارات أخرى بدليل أن النواب التغييريين ومن خلال مواقفهم حيّدوا قضايا الناس والازمة المالية واموال المودعين ووضعوا نصب أعينهم ملفات سياسية اكبر من قدرة لبنان على حلّها منفرداً. وليس العناد في مقاربة انتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس وهو المرشح الوحيد الشيعي في البرلمان إلا مؤشراً لكيفية مقاربة الملفات المتبقية بعيداً عن العرف والمسلمات المتعارف عليها.

لا مرشح لرئاسة المجلس إلا بري. الكل في حيرة من أمره خاصة مع رفع رئيس حزب القوات سمير جعجع لهجة التحدي تجاه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في حال انتخابه ونواب تياره بري هادفاً إلى زيادة الشرخ بين الطرفين. رئاسة المجلس النيابي عينة فماذا عن الحكومة؟

مستدركاً الآتي من الأيام، نبّه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من وجود نية لعدم تشكيل حكومة وتجاوز الدستور باعتبار هذه الحكومة كاملة الصلاحيات. خلال اليومين الماضيين تكوّنت قناعة سياسية أن الحكومة الحالية وبسبب استحالة الاتفاق على تعيين البديل لتغيير موازين القوى في البرلمان، فإن الرئيس الحالي نجيب ميقاتي سيكون رئيساً لحكومة تصريف الاعمال حتى نهاية العهد. والمرتقب ان يكون تشكيل الحكومة عنواناً للصراع السياسي المقبل. ليست معروفة بعد هوية الرئيس العتيد الذي سيقبل تلقف كرة النار في ظل غياب تسوية تؤمن توليه محصناً بحماية داخلية او خارجية، وكيف سيتم تشكيل حكومة في ظل الانقسام والسجال المتفاقم حول سلاح المقاومة في مواجهة «الحزب». وكيف للقوى التي تخوض مواجهتها ضده أن ترضى بتمثيله في الحكومة، ام انها ستقبل حكومة من دون مشاركة مكون اساسي فيها، وكيف سيمكن الخروج ببيان وزاري لحكومة لن يزيد عمرها على أشهر قليلة وهي الفترة الفاصلة عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس الحالي الجنرال ميشال عون.

بالنظر الى إصرار افتعال فريق الاكثرية النيابية مشكلة في ما يتعلق بانتخاب رئيس مجلس النواب، يمكن تصور الكباش الذي سيدور حكماً حول تكليف رئيس جديد للحكومة. يمكن للمراقب ان يتساءل اذا كان التعاطي مع انتخاب رئيس مجلس نواب يتم بالشكل الحالي اي بالقفز فوق الاجماع الشيعي فكيف سيكون اختيار رئيس للحكومة من السنّة في ظل غياب مرجعية سنية وازنة وقد افرزت الانتخابات شخصيات ليست ذات ثقل من حيث قوة التمثيل والحضور وسط البيئة السنية.

في المداولات الجارية خلف الكواليس فتح بازار رئاسة الحكومة على مصراعيه. ستتحكم في هذه التسمية هذه المرة عوامل عدة من بينها الازمة الاقتصادية ودخول نواب التغيير ككتلة وازنة الى البرلمان والى جانبهم القوات اللبنانية مقابل فشل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في اثبات حضوره على مستوى الزعامة السنية والخسارة الجسيمة التي مني بها في بيروت وصيدا على حساب حضور انتخابي وازن للنائب المنتخب عبد الرحمن البزري في صيدا.

المتوقع في ضوء نتائج الانتخابات النيابية ان يعود طرح اسم السفير نواف سلام الى التداول مجدداً. حظي في الماضي بتأييد كتلة القوات اللبنانية وسمّاه نواب مستقلون ومن خارج البرلمان اعتبر سلام مرشح السنيورة المباشر وهو الذي تجمعه به صلة قربى وثيقة. المرشح الذي تصدى «الحزب» في المرة الماضية لترشحه قد لا يعترض على وصوله اليوم ليلتقي بشأنه مع حليفه التيار الوطني الحر ولكن هل سيقبل سلام التكليف في ظل الظروف الصعبة محلياً واقليمياً وعلى كل المستويات؟

وبينما بدأ البعض تلمس اشارات ايجابية بين بعض الاسماء المرشحة وقوى سياسية معنية بالاستحقاق في لبنان، تقول المعلومات إن طرح سلام هذه المرة سيكون مقبولاً وقد لا يصطدم برفض مطلق أقله من الثنائي الشيعي لاعتبارات عدة ومنها ان سلام لن يشكل حلقة تصادم معه على وجه التحديد وهو لن يسعى بأي حال الى ان يكون رئيساً تصادمياً مع اي جهة. السفير المخضرم سيكون من عوامل وصوله على رأس السلطة التنفيذية ان حصل الازمة المالية. كما أن انسداد افق الحلول قد يكون سبباً اضافياً لعدم التصدي لوصوله فضلاً عن ان اختياره يعني فك الحصار الاقتصادي عن لبنان على اضعف الايمان.

قوى سياسية وازنة لها رأي مغاير يقول إن سلام لا يمكن ان يكون رئيساً للحكومة حتى ولو وافق «الحزب» واكتفى بالتخلف عن تسميته، لتؤكد ان اسمه ليس مطروحاً بقوة حتى الساعة بينما سيكون اسم البزري الأكثر قبولاً من الجميع وهو مطروح في الكواليس انطلاقاً من سنيته وشرعيته السياسية ولكونه شخصية غير مستفزة للمقاومة ولا للمعارضة وله تجاربه الناجحة سواء في رئاسة البلدية أو في لجنة كورونا.

قائمة المرشحين لن تكون طويلة ومعقدة بالنظر إلى غياب تيار المستقبل وتردد اي مرشح في قبول التحدي في ظل غياب دعم سعودي خليجي واضح والا واجهت حكومته الفشل. موقف السعودية الذي لم تتوضح معالمه بعد سيكون له الكلمة الفصل فهل سيكون قراره بمرشح مواجهة او بتسوية ما تخرج اسم مرشح من خارج التوقعات.

يأتي في اول التنبؤات ان البلد مقبل على ازمة عميقة، مستنداً الى ان بري غير مستعد لأي خطوة إيجابية قبل نهاية عهد عون، ورفضه تغيير حاكم مصرف لبنان ما جعل التيار الوطني الحر يستنتج بعد الاستحقاق الانتخابي ان التعاون معه لا أمل منه، انتخابه رئيساً يعني نهاية التيار سياسياً، بينما هذا لا يعني عدم التعامل مع المؤسسة. أمامنا ايام صعبة وقد يكون الحل بمؤتمر دولي شرع الفرنسيون في استمزاج الآراء في شأنه منذ فترة.

زر الذهاب إلى الأعلى