يوم الاثنين الماضي وفي اعقاب اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب، أعلن أمين سر كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب هادي أبو الحسن، أنه أبلغ هيئة مكتب مجلس النواب سحب اقتراح اللقاء الديمقراطي بشأن تمديد سن التقاعد لموظفي القطاع العام حتى سن 66 من جدول الأعمال، وذلك منعا للالتباس وكي لا يفسر التمديد خدمة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، علما أن هذا الاقتراح لا يشمله… الخطوة الجنبلاطية ليست مفاجئة ما دام الغرض من الاقتراح انتفى مع عدم انعقاد جلسة تشريعية، وتاليا عدم شمول التمديد رئيس الاركان في الجيش اللبناني اللواء الركن امين العرم الذي احيل الى التقاعد. بيد ان السؤال المطروح يتمثل في سبب سحب الاقتراح في هذا التوقيت بالذات، خصوصا انه لا يشمل حاكم مصرف لبنان كما اكد ابو الحسن، علما ان ولاية الحاكم تمتد حتى 2 تموز المقبل، فالى ما ترمي خطوة السحب هذه، وما خلفياتها؟
تقول مصادر على بيّنة من الموضوع لـ”المركزية” ان الاجراء الجنبلاطي ليس بريئاً، ولا بعيدا من موجة النكايات والتجاذبات الفاقعة بين القوى السياسية، وتحديدا بين التيار الوطني الحر برئاسة النائب جبران باسيل من جهة والثنائي الشيعي من جهة ثانية. فالاشتراكي، وإن لم يقطع شعرة معاوية مع التيار وزعيمه، فموقعه في المعادلة السياسية اللبنانية معروف وارتباطه العضوي مع الرئيس نبيه بري غني عن التعريف. وتضيف بعدما كان بري يعوّل على تأمين تكتل “لبنان القوي” نصاب وميثاقية الجلسة التشريعية التي يريدها بقوة بهدف التمديد لمدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، في ظل السباق مع الوقت الداهم، كونه يحال الى التقاعد في 3 اذار المقبل، اي بعد ستة عشر يوما بالتمام، نزل قرار باسيل الذي ابلغه الى الثنائي بعدم المشاركة في الجلسة كالصاعقة على بري والحزب اللذين انبريا الى البحث عن مخارج اخرى قد تكفل ابقاء اللواء على رأس المديرية. الا ان الرئيس بري لم “يهضم” ما اقترفه باسيل في حق ابراهيم والموقع الشيعي، وقرر رد الصاع صاعين، وكان سحب الاقتراح الاشتراكي الذي كان ليؤمن مكسبا اساسيا لباسيل من خلال التمديد لمديرين عامين في ادارات الدولة ومؤسساتها العامة من حصة التيار، بفعل تمديد سن التقاعد الى 66 عاما، مع الاصرار على المفعول الرجعي، وتاليا استمرار الامساك بمواقع قيادية ووزارات مهمة بعد انتهاء العهد العوني.
وبعيدا من خلفيات القرار الباسيلي، وما اذا كانت الهجمة الشرسة عليه هي السبب الرئيسي ، لا سيما انها جاءت من احزاب المعارضة المسيحية في شكل خاص، على خلفية ما تردد عن انه كان يعتزم المشاركة في الجلسة التشريعية، وهو ما نفاه باسيل لاحقا، في آخر فيديوهاته، او انه ناجم عن عدم موافقة بري على مطالب وشروط باسيل التشريعية، فما خلّفه قراره من تصدعات في جدار العلاقة المهتز مع الحزب ليس من السهل رأبه ولا ترميم الفيلق الزلزالي الذي يضرب التحالف الشُباطي من دون توقف، وغني عن التذكير ان كفة اللواء ابراهيم هي حكما “طابشة” في ميزان المقارنة مع كفة باسيل. اما بري فجاء رده سريعا من القناة الاشتراكية بقطع الطريق على المطلب البرتقالي واجتثاث الاقتراح من جذوره.
مصادر التيار الوطني الحر اذ ترفض التعليق على سحب الاقتراح وخلفياته تقول لـ”المركزية”: حينما قدمت كتلة “اللقاء الديموقراطي” اقتراحها ذاك لم تتشاور معنا تماما كما حينما سحبته، والسؤال يوجه اليها، انما بمجرد تحليل النيات يمكن التكهن ان سحبه جاء مثابة ردة فعل. وللتذكير فان تكتل لبنان القوي لا يشرّع لأشخاص، انما للفائدة العامة واذا استفاد من هذا التشريع اشخاص معينين فلا مانع، وصحتين على قلبن. نحن مع عودة الانتظام المؤسساتي، الذي يعود حينما يستكمل تكوين السلطة من خلال انتخاب رئيس للجهورية وتشكيل حكومة جديدة.
اما اوساط الاشتراكي فترفض الغوص في خلفيات سحب اقتراحها ومدى قربه او بعده عن تجاذبات السياسة ، لكن الاكيد انه يقع في صلب الكباش والمعركة السياسية المحتدمة على جبهة التيار- الثنائي… والمؤكد ان الجميع سيخرج منها خاسرا.