على وقع الاضرابات والتهديد بالتصعيد والمزيد من الشلل في الادارات العامة، تسارعت في الايام الاخيرة الاجراءات المالية والنقدية المنفصلة عن اي اصلاح او خطة انقاذية، الامر الذي سيؤدي الى المزيد من التضخم وطبع العملة، وبالتالي ارتفاع في سعر صرف الدولار، بمعنى ان ما يعطى للموظف في اليد اليمنى سيؤخذ في اليسرى.
فقد أبلغ وزير المال يوسف الخليل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تحويل رواتب الموظفين والمتقاعدين والعسكريين في القطاع العام والأساتذة في التعليم الرسمي وأساتذة الجامعة اللبنانية على سعر “صيرفة” 60 ألف ليرة للدولار طلرواتب هذا الشهر. على أن يتم تسديد طالرواتب بدءاً من اليوم ويستكمل الاثنين، واتت هذه الخطوة بعدما وافقت وزارة المال على تحمّل جزء من الفارق بالدولار بين سعر منصة صيرفة الـ 60 والـ 90 ألف ليرة من الإيرادات التي تجنيها بالدولار.
من جهة اخرى، أقرّت لجنة المؤشّر في ، يوم امس الحدّ الأدنى للأجور بـ9 ملايين ليرة لبنانية، كما أقرّت 250 ألفاً لبدل النقل، على أن يُصرَّح بكامل الأجر للضمان الاجتماعي.
وتأتي هذه الارقام، على الرغم من سلسلة الرتب والرواتب التي اقرت في تموز العام 2017 وكانت أحد أسباب الانهيار الاقتصادي خصوصا وان اقرارها كان وفق احصاءات مغلوطة.
واذ يبدو ان الاخطاء في هذا المجال تتراكم، ذكر مصدر مطلع، عبر وكالة “أخبار اليوم” بتقرير لجنة المال والموازنة الصادر في ايار العام 2019 عن التوظيف غير الشرعي الذي احيل الى ديوانِ المحاسبةِ والمُدّعي العامِّ لديْهِ للبتَّ بحالات التوظيفِ والاستخدامِ التيْ حصلتْ خلافاً للقانونِ بعدَ 21 آب 2017، مع الاشارة ايضا الى ان هذا التعاقد غير القانوني أدخل إلى الإدارة العامة أكثر من خمسة آلاف متعاقد، بعد منع التوظيف، لم يحلّ مُشكلة الشغور في عدد من الادارات لأنه لم يستند إلى أيّ معيار قانوني أو موضوعي.
واشار المصدر عينه الى ان التقرير بشأن التوظيف غير الشرعي المخالف للقانون الصادر في قانون الموازنة العام للعام 2017 كان قد قضى باتخاذ قرار بشأن هؤلاء الموظفين في مجلس الوزراء بعد دراسة الحاجة لهم من قبل ادارة الابحاث والتوجيه وموافقة من مجلس الخدمة المدنية، لكن الامر لم يحصل اطلاقا.
واضاف: كذلك احيل الملف من لجنة المال والموازنة الى ديوان المحاسبة الذي وبعد تحقيق اجراه ادعى بوجود 3500 موظف جرى توظيفهم بشكل غير شرعي وغير قانوني وحتى اليوم لم يصدر الا قرار واحد ابطل توظيف 45 شخصا في المديرية العامة للتعليم المهني، الذي نفذه وزير التربية السابق طارق المجذوب واوقف الرواتب عن هؤلاء، لكن للمفارقة اصدر ديوان المحاسبة مطالعة مخالفة تطلب اعادة النظر بهذا القرار فتم تعليق مفعوله، واستمر هؤلاء الموظفون بتقاضي رواتبهم.
وابدى المصدر اسفه الى ان الدولة على مدى اكثر من اربعة سنوات تدفع رواتب ما لا يقل عن 3500 موظف، واذ افترضت ان الراتب الشهري 5 ملايين ليرة فقط فان ملايين من الاموال التي كان من الممكن الاستفادة منها حيث تقتضي الحاجة فيما لو صدرت قرارات وقف التوظيف، اضف الى ذلك ما يمكن ان يترتب عليهم من تعويضات ورسوم ضمان واعباء اخرى….
وماذا عن تأكيد مجلس الخدمة المدنية انه لا يوجد فائض في الموظفين، شرح المصدر ان الملاكات الاساسية للادارة العامة تعمل بـ 50 او 60% من طاقمها الوظيفي، لكن الفائض في امكان اخرى، ويبدو اكثر وضوحا في قطاع التعليم الرسمي حيث هناك 40 الف استاذ في الابتدائي والثانوي، واكثر من 20 الف استاذ ومتعاقد في التعليم المهني، اضف الى ذلك 10 آلاف بين دكاترة وموظفين ومدربين في الجامعة اللبنانية، دون وجود اي دراسة للاثر المالي والحاجة او الجدوى الاقتصادية من كل هذه الاعداد، وهنا يأتي دور الخدمة المدنية في امكانية اعادة التوزيع او الاستفادة منهم في الادارات الاخرى، الا ان هيكلية الادارة العامة امر غائب بشكل تام.
وختم المصدر مذكرا بكلام للنائب اكرم شهيب في احدى جلسات لجنة المال والموازنة عن ان تكلفة التعليم السنوية لطالب واحد في بعض المدارس الرسمية تصل الى 8 آلاف دولار، نظرا الى عدد التلاميذ الضئيل بالمقارنة مع عدد الاساتذة…. وهذ الكلام دليل الى عشوائية التوظيف!