قد يتوجب على القوات اللبنانية إصدار بيان معزز بالوقائع والتواريخ لنفي أي علاقة لها بالهدية المفخخة التي تلقتها الآنسة حينها شانتال ميشال عون في ليلة عيد ميلادها وهي عبارة عن صندوقة أمضت السهرة إلى جانب الهدايا الأخرى حتى حان موعد فتح علب الهدايا لتكتشف صاحبة العيد بأن تلك الكرتونة الصغيرة حجماً نسبياً تحتوي على مصيبة كبيرة إسمها جبران باسيل…
أما بعيداً عن هزلية المشهد، فمصيبة جبران ليست من نسج الخيال، وما وصلت إليه حال التيار الوطني الحر يشكّل نتيجة حتمية ومتأخرة للمسار الذي بدأه ميشال عون بتوريث صهره وأكمله جبران باسيل المشبع بعقدة النقص إلى جانب عقد نفسية أخرى يصاب بها جميع حديثي النعمة لاستئصال كل ما ومن يشك بأنّه عقدة في طريقه، لتترسخ عنده فكرة أنه يمتلك الكاريزما والفكر والموارد وقادر على تأسيس تيار جديد مختلف كلياً عن تيار ميشال عون، ولكن بغية تحقيق ذلك عليه الدوس على كل ما ومن يرتبط بميشال عون والتنكّر لهم…
من السابق لأوانه فتح الجدال حول مشروعية تمثيل النواب المفصولين والذين ينتظرون، ولكن لا شك بأن هؤلاء بنوا حيثية شعبية خلال فترات ولايتهم النيابية الطويلة، والقول بأن هؤلاء أصبحوا خارج أسوار ميرنا الشالوحي لمصلحتهم الخاصة لا يعفي التيار ويعني بأنهم تعلّموا جيداً الدروس التي تلقّوها داخل غرف وأروقة ميرنا الشالوحي من ميشال عون وجبران باسيل من حيث اعتبار المصلحة الخاصة تسمو على مصلحة التيار التي تسمو بدورها على المصلحة الوطنية…
لقد أحرجهم جبران باسيل وأخرجهم قبل الأوان الذي حددوه لأنفسهم، أي بعد وفاة ميشال عون إكراماً له ولتاريخهم معه، ولكن مشيئة الله والحمد له أطالت بعمر الرجل، فخرجوا على أيامه، ولكن لخروج هؤلاء تداعيات على التيار ولنا في جزين مثالاً على الثمن الذي دفعه التيار بخسارة مقاعده في هذه الدائرة ومن دون أن ينجح زياد أسود، وخروج آلان عون سيؤدي إلى خروج التيار نيابياً من بعبدا، وخروج سيمون أبي رميا سيؤدي إلى خروج التيار من دائرة جبيل مع رسم علامة استفهام حول بقاء مقعده في كسروان، وبالفعل نفسه سيخرج التيار من المتن بخروج الياس بو صعب وبانتظار خروج ابراهيم كنعان بعد إطلاقه مبادرة “يشهد الله أني بلغت” وهما صاحبَي أكبر حيثية شعبية نظراً لخدمات كنعان وقومية بو صعب مع طرح ألف علامة استفهام حول إمكانية نجاح أحدهما في العودة إلى المجلس النيابي، بانتظار التحالفات…
التيار المريض لم ينتهِ بعد، ولم يحن أوان نسيانه قبل انتهاء عملية التدمير الذاتي، ويكفي أن يكون قادراً على تشكيل كتلة من عشرة نواب ليبقى مرضه منتشراً في المجتمع المسيحي، لذا وبانتظار نتائج الإنتخابية القادمة، فالمواجهة مستمرة حتى استئصال المرض.