إنهيار تيار

لم يسبق لشخصية لبنانية أن حشدت حالة شعبية تأييداً للشخص كما نجح الرئيس السابق ميشال عون في تأسيس الحالة العونية مستغلاً مآسي اللبنانيين وحاجتهم إلى قائد خلفيته مؤسساتية شرعية بعدما خذلهم رجال الدولة آنذاك وأضاعوا فرصاً ذهبية وخضعوا لعودة الإحتلال السوري إلى المناطق التي كان أخلاها بعد الإجتياح الإسرائيلي في العام ١٩٨٢ ولا طائل من العودة إلى احداث تلك الحقبة…

ينبغي التذكير بأن اختيار ميشال عون قائداً للجيش خلفاً للعماد ابراهيم طنوس كان بطلب سوري، أما أسرار تعيينه رئيساً للحكومة العسكرية فما زالت مجهولة.

جمع ميشال عون بقايا قوى حزبية مشتتة ومتناقضة وإلى جانبهم رأي عام مؤمن بالشرعية وسيادة الدولة ومعارض لكل سلاح خارج سلطة الدولة حتى لو كان هذا السلاح قواتياً وعنصر قوة كان له الفضل في تعزيز استقلالية المنطقة الشرقية وتقبّل هذا المجتمع نزع سلاح القوات كخطوة اولى نحو نزع سلاح الميليشيات على الجهة الأخرى…

أحسن ميشال عون استثمار فترة إبعاده من لبنان لتعزيز حيثيته الشعبية كما عمل على خط آخر لإعادة الحرارة السياسية مع نظام الوصاية والنظام الأمني اللبناني-السوري الذي مدّه بالدعم وأورثه بقايا هذا النظام بعد اغتيال رفيق الحريري، ومن هؤلاء رئيس تيار المردة سليمان فرنجية واحتضن ميشال عون تحت جناحه جميع أيتام سوريا من إميل رحمة إلى ميشال المرّ وما بينهما من شخصيات…

الهدف من هذا الإيجاز تقسيم الحالية العونية إلى أربعة أقسام للتمييز بين الذي تركوا التيار، فالقسم الأول غادر بعد انتفاء حاجته لمظلة الحماية التي أمّنها لهم عون، القسم الثاني وهو من المؤسسين للحالة العونية الذين ابتعدوا تدريجياً بعد تفاهم مار مخايل، القسم الثالث هم من الذين انتفت منفعتهم من التيار، والقسم الرابع ما زال ينتظر معجزة تقيم التيار وتقيه من الإنهيار…

القوات اللبنانية التي واجهت هذا العار في المجتمع المسيحي وأدركت مخاطره منحت ميشال عون فرصة تنفيذ وعوده وأيّدت وجوده في بعبدا رئيساً ولكنه فشل في تحقيق أي من الوعود ومارس هو وصهره أشنع نهج سلطوي أوصل البلاد إلى الإنهيار، والنهج الفاسد يؤدي إلى ثورة ١٧ تشرين ويؤدي إلى ضياع ودائع اللبنانيين ويؤدي إلى الإنهيار الإقتصادي ويؤدي إلى تفجير المرفأ… ويؤدي إلى جهنم!

التعامل مع الخارجين من التيار العوني-الباسيلي يجب تجزئته، فمن غادر بعد تخلّي عون عن المبادئ وانكشاف زورها هؤلاء لهم كل الإحترام، ومن غادر بعد انكفاء الحاجة للمظلة العونية هؤلاء لا يستحقون التفاتة، ومن غادر بسبب انتفاء المصلحة هؤلاء عصارة الفكر والنهج العوني المتأصل فيهم وهم غادروا للأسباب نفسها التي التحقوا من أجلها بالتيار، أما الجزء الباقي فهم أصحاب الواجبات المشاركين في مراسم الدفن.

زر الذهاب إلى الأعلى