دبلوماسية القوة
أصبحت مسألة الحق ثانوية في الأحداث والتطورات الجارية في المنطقة، على وقع التعزيزات العسكرية الأميركية، مما أسفر عن إعادة الحسابات لدى فريق الممانعة من رأس هرمه إلى أسفل قدمه. وهذا الاستعراض للقوى والقوة قد يذهب في الاتجاهين، الحرب المفتوحة أو ضبطها، والطابة اليوم هي في الملعب الإيراني التي لديها مصالح تسمو على مسألة اغتيال شخصية على أراضيها، وهي على الأرجح ستتخلى عن مسألة الحق في الردّ على استباحة، وتتخطى مسألة الواجب الجهادي تحت التهديد الوجودي.
الولايات المتحدة وإيران لا تريدان التصعيد، على عكس إسرائيل التي تسعى لمواجهة شاملة اعتقاداً منها بأن القضاء على الرأس المدبّر والمدمّر في طهران من شأنه أن يقضي على الأذرع. وقد ساعدها محور الممانعة على الترويج لهذه المعادلة نتيجة ممارسات عشوائية وغوغائية وإرهابية للسيطرة على بعض الدول، وسط غض نظر غربي وعربي على قاعدة “حايد عن ضهري بسيطة”، ومتغافلاً عن عبرة “الثور الأبيض والثور الأسود”.
دبلوماسية القوة خطوة نحو الحلّ بعد فشل الدبلوماسية الهادئة، ولا عودة بعدها إلى الوراء وإلى الستاتيكو الذي كان قائماً قبل ٧ أكتوبر. وحدة الساحات باتت مطلباً إسرائيلياً وأميركياً، ولكنها وحدة بشروط الدولتين، أي فرض الأمن والهدوء على كافة الساحات أو الحرب عليها، مما يُسقط ذرائع مواجهة العدو للاحتفاظ بالسلاح، سعياً لفرض ونشر فكر ونهج وحكم الثورة الخمينية في البلدان التي تسيطر عليها إيران.
هذا الدمج في الساحات ستستفيد منه الدول الخاضعة للسيطرة الإيرانية، ومنها لبنان بشكل غير مباشر. ويخطئ من يعتقد بأن على اللبنانيين الانخراط في هذه العملية مباشرة، فالهيمنة الإيرانية حصلت غصباً، والمسؤولية تقع على المجتمع الدولي الذي غض النظر وتجاهل الخطر الإيراني، وبالتالي فهو المسؤول عن مواجهته وإعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها الشرعية. وبعد ذلك تأتي التفاصيل.