عظة نارية مثقلة بمواقف من العيار الثقيل أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس، هي الاولى له بعد الانتخابات النيابية، تطرق فيها الى كيفية ادارة البلاد في المرحلة المقبلة، والى واقع القضاء من بوابة ملف الموقوف طوني خوري، محذرا ايضا من خطط لنسف استحقاق ١٥ ايار ونتائجه واعتباره وكأنه لم يكن.
سيد بكركي قال ان الفوز ليس نهاية الانتصار بل بدايته، داعياً المواطنين إلى اليقظة والاستعداد لمواجهة الالتفاف على الإرادة الشعبيّة. وتابع “ما آلمنا أن تندلع غداة نتائج الانتخابات اضطرابات أمنية وتعود الأزمات وكأنّ هناك من يريد أن يعطّل واقع التغيير ويريد الانقلاب على نتائج الانتخابات”..
غير ان الراعي حدد في المقابل، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، خريطة الطريق للحفاظ على النصر الذي تحقق، وهي تبدأ بتوحيد التغييريين جهودهم والمواقف، حيث رأى الراعي ان “قيمةَ القِوى الفائزةِ بالأكثريّةِ ليست بعددِ نوّابِها، بل بقُدرتِـها على تشكيلِ كُتلٍ نيابيّةٍ متجانِسةٍ ومتَّحدةٍ ومتعدّدةِ الطوائف حولَ مبادئ السيادةِ والاستقلال والِحياد واللامركزيّة. على أن تصبح هذه المبادئ الوطنيّةَ نقاط تلاقٍ يُجمِعُ عليها جميعُ النوّاب لأنّها ثوابتُ لبنانيّةٌ تاريخيّةٌ ومٌرتكزاتُ الهُويّةِ اللبنانيّةِ”.
وتُستكمل خريطة الطريق، بتشكيل “حكومة وطنيّة على أسُسِ التفاهمِ المسبَقِ على المبادئ والخِيارات والإصلاحات فلا تَتعطّل من الداخل، ثمّ تَصل إلى انتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجُمهورية على أسُسِ الأخلاقِ والكفاءةِ والتجرّدِ والشجاعةِ والموقِفِ الوطنيّ”.
حتى الساعة، القوى السيادية لاسيما القوات اللبنانية والكتائب والشخصيات المستقلة والتغييرية المقربة من الخط السيادي، تحمل ورقة عمل الصرح هذه، وستعمل جميعها على تحقيقها.
لكن كل المواقف السياسية الصادرة عن اهل المنظومة والتي تتضمن اصرارا على حكومات الوحدة وانكارا لنتائج الاستحقاق، من جهة، والمعطوفة الى تحذير الراعي امس من جهة ثانية، تؤكد ان ثمة فعلا رفضا لدى السلطة للتسليم بالامر الواقع الجديد، وبالتالي فان البلاد والحال هذه، ذاهبة حكما نحو مرحلة كباش سياسي سيكون عنوانها “افراغ صناديق الاقتراع من مضمونها”.
فهل سيكون النواب المعارضون الذين انتخبهم اللبنانيون في ١٥ ايار، مستعدين للمواجهة وللدفاع عن الامانة التي وضعها المواطنون في عهدتهم، لان الانتصار في الانتخابات “بداية فقط”، كما قال الراعي؟