جبران باسيل الساقط أخلاقيًا وسياسيًا
الحق في مهاجمة الخصم خلال الفترة التي تسبق الانتخابات النيابية هو أمرٌ مشروع في كل المفاهيم الديمقراطية، والإضاءة على أخطاء المنافسين من باب كشف فسادهم أو انتقاد ادائهم السياسي هو من اولى بديهيات العمل السياسي، الاّ أن تخوين ناخبي الخصم واعتبار كل من يقترع لـ”القوات اللبنانية” أنه ينتخب اسرائيل، فإن في ذلك إسقاط لتهم العمالة بالجملة على شريحة كبيرة من اللبنانيين، في سابقة خطيرة تشير الى الدرك الأخلاقي الذي سقط فيه بعض السياسيين طمعاً بكرسي نيابي من هنا أو كتلة وازنة من هناك.
سقط رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في خطابه الانتخابي الى أنصاره بالأمس، حيث اعتبر أن من يصوّت لحزب القوات اللبنانية يصوّت لداعش واسرائيل، وربما أخذته النشوة مع تصفيق الحاضرين لكلامه، لكن التصفيق الحماسي لا يولّد زعيمًا لا يقيس خطورة كلماته وتداعياتها، وإن حاول بتبرير غير منطقي اعتبار كلامه رداً على اتهام من يصوّت للتيار الوطني الحر كأنه يصوّت للحزب.
فمن حيث المبدأ، هو ساوى بين الحزب واسرائيل، فهل بات تحالفه مع الحزب تُهم عمالة وهل يخجل بهذا التحالف الذي جرى على “راس السطح”؟
فمن المنطقي أن من يصوّت للتيار يصوّت للحزب لكونهما متحالفَين في معظم الدوائر، وهل تغضبه هذه “التهمة” ليُشهِر سيف العمالة على من قال لجمهوره العوني أنهم ينتخبون الحزب؟ ألم يكن حرّي به أن يدافع عن هذا التحالف بوصفه يوثّق التفاهم الوطني بين المكونات اللبنانية؟
وفي سقطته السياسية والأخلاقية بكل المعايير، اعتبر شريحة وازنة من المكوّن المسيحي عميلاً ينتخب اسرائيل وبالتالي في المفهوم القضائي والقانوني يجب ملاحقة هذه الشريحة الكبيرة، وربما سجنها، فهل تهم العمالة تُلقى جزافاً دون تفكير بالأبعاد الأخلاقية لخطاب كهذا؟
وبدل أن يحاول استقطاب الناخبين بخطاب يعزّز الوحدة المسيحية أقله، يذهب في “نرجسيته” ليكبّر حجر الخلاف بين أبناء الجلدة الواحدة، حجر قد يصدم رؤوسًا كثيرة بسبب سقطات صبيانية لا يلجمها عقلاء التيار.