يبدو أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قرر المضي بالدعوة لعقد جلسات لمجلس الوزراء، رغم اعتراضات القوى المسيحية الرئيسية، أي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية»، إضافة لاعتراض البطريركية المارونية، من منطلق تشديد هذه القوى على وجوب حصر عمل الحكومة بـ«الضرورات القصوى» في ظل شغور سدة الرئاسة، وهو موقف يسري أيضاً على جلسات مجلس النواب التي أعلنت القوى السابق ذكرها أيضاً مقاطعتها ما من شأنه أن يحول دون تأمين النصاب القانوني لانعقادها.
ووزعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء جدول أعمال مقتضباً من 8 بنود على الوزراء لدراسته قبل الجلسة التي تم تحديد موعدها غداً الاثنين، وهي ستكون الرابعة منذ شغور سدة الرئاسة بسبب فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس بعد 11 جلسة دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ويأخذ «التيار الوطني الحر»، الذي يشكل رأس حربة في رفض اجتماعات الحكومة، على «الحزب» تغطية هذه اجتماعات من خلال مشاركة وزيريه فيها، وهو يضع ذلك في خانة «ضرب الشراكة الوطنية»، لاعتباره أن الوزراء المسيحيين الذين يشاركون في الاجتماعات لا يمثلون المكونات المسيحية الأساسية في البلد.
ورغم اعتماد ميقاتي جدول أعمال مصغراً، كي لا يثير استفزاز معارضي جلسات الحكومة وجداول الأعمال الفضفاضة، إلا أن ذلك لن يشكل محفزاً لقيادة «الوطني الحر» للإيعاز للوزراء المحسوبين عليها للمشاركة في الجلسة المقبلة، وهو ما أكده النائب في تكتل «لبنان القوي» أسعد درغام، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «موقف التيار الرافض لعقد جلسات لمجلس الوزراء بغياب رئيس الجمهورية هو موقف مبدئي لا يتبدل»، مضيفاً: «منذ البداية قلنا إن الجلسات يجب أن تحصل حصراً في حالات الضرورة القصوى وبعد التشاور بين كل الوزراء وضمان مشاركتهم جميعاً».
ويقترح «التيار» استبدال اجتماعات الحكومة بـ«مراسيم جوالة» يوقعها كل الوزراء لتسيير أمور الناس، وهو خيار لجأت إليه حكومة الرئيس السابق تمام سلام، في مرحلة الشغور الرئاسي التي بدأت عام 2014 واستمرت عامين ونصف العام. إلا أن ميقاتي يرفض اعتماد هذا الخيار، ويعتبر أن المرحلة استثنائية وتتطلب عقد جلسات لمجلس الوزراء، وهو أعلن صراحة خلال آخر اجتماع حكومي عن «توجه لتكثيف العمل والاجتماعات الوزارية والحكومية، لتأمين الحلول المطلوبة للتعقيدات والمشاكل».
ولم يتضح بعد إذا كان وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، الذي يعد من فريق رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الوزاري، سيشارك في الجلسة، وهو الذي حضر إحدى الجلسات الـ3 التي كانت تمت الدعوة إليها. وقال أمس إنه لم يطلع بعد على جدول الأعمال، «وعلى ضوء البنود سأتخذ قراراً بالمشاركة في الجلسة أو بالمقاطعة».
كذلك وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، الذي يُعد أيضاً مقرباً من باسيل، قاطع أول جلسة تمت الدعوة إليها، لكنه شارك في الجلستين اللتين لحقتاها. وهو على ما يبدو يتجه للمشاركة في الجلسة الرابعة.
وتؤكد مصادر «القوات اللبنانية» أنهم يقاربون ملف الدعوات لجلسات لمجلس الوزراء «من زاوية محض دستورية، باعتبار أننا بكنف حكومة مستقيلة لا يحق لها الالتئام إلا في حالات الضرورة القصوى، وضمن جدول أعمال ضيق جداً ومختصر للغاية»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «جداول الأعمال السابقة كانت فضفاضة، ولا تنطبق على بنودها الحالة الطارئة».
ويلحظ جدول الأعمال الجديد بنوداً مرتبطة بتعويضات مالية للعسكريين وموظفي الإدارة العامة، كما طلب وزير المال الجباية والصرف على أساس «القاعدة الاثني عشرية» بانتظار صدور قانون موازنة عام 2023.