لا يزال الملف الرئاسي في مراوحة سلبية. في الخارج، الخماسيُ الدولي لا يزال على مقاربته ذاتها للاستحقاق وهو ليس على ما يبدو، في وارد أي تحرّك سريع او مبادرة لـ”فرض” انتخاب رئيس في لبنان، أقله في المدى المنظور، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”.
امس، حضر لبنان بين فرنسا والسعودية من جديد. فقد ناقش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان الأحد تعزيز تعاونهما في مجال الدفاع والطاقة، وجدّدا عزمهما على “العمل معا” لمساعدة لبنان. وذكر الإليزيه أنّ الزعيمين عبّرا خلال اتّصال هاتفي عن قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكرّرا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمرّ بها. واذ أوضح أنهما أشادا بـ”ديناميّة علاقتهما الثنائيّة” ولا سيّما لناحية “تعميق التعاون في مجالي الاقتصاد والثقافة”، رحّب ماكرون بقرار السعوديّة وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسيّة، مشددا على “أهمّيته للاستقرار الإقليمي”… هذا صباحا. اما بعد الظهر، فقد زارت السفيرة الفرنسية آن غريو السراي مستعجلة الانتخابات والاصلاحات.
وسط هذه الاجواء، القوى المحلية تبدو في حال ترقّب وانتظار. الطرفان “المتصارعان”، مرابضان على تموضعيهما: داعمو ترشيح رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوّض ماضون في دعمه، ومؤيدو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مستمرون في تأييده ايضا.
وحده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يبدو يتحرّك لمحاولة كسر هذا الستاتيكو. فبعد ان بات على قناعة بأن ايا من المرشّحَين المذكورين اعلاه غير قادر على الخرق والوصول الى بعبدا، تنشط المختارة للبحث عن رئيس توافقي. غير ان جنبلاط الذي حاول منذ ايام تقريب المسافات في الداخل من دون ان ينجح في مسعاه التوفيقي – خاصة وان الثنائي الشيعي يرفض التخلي عن فرنجية، بينما مؤيدو معوض منفتحون على خيارات اخرى على ان تشمل أشخاصا قادرين على الانقاذ الاقتصادي والسيادي في آن – قرر التحرك في الخارج هذه المرة. فقد زار باريس نهاية الاسبوع الماضي على رأس وفدٍ يضمّ نجله رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي” تيمور جنبلاط والنائب وائل فاعور، حيث التقى مدير المخابرات الخارجية في فرنسا برنارد إيميه ومستشار الرئيس ماكرون لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل.
عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن شدّد أمس على أنه “لا بد ان تجري عملية تدوير للزوايا للخروج بموقف ينقذ البلد لأنه الهم الأساسي اليوم”. وأشار إلى أن “جنبلاط يناقش في زيارته باريس الموضوع الرئاسي”، داعيًا إلى “مقاربة هذا الملف على قاعدة لا غالب ولا مغلوب”، لافتًا إلى ان “الطرح الفرنسي حول “المقايضة” بين رئاستَيْ الجمهورية والحكومة قد تراجع”. وشدد كذلك، على أهمية وجود “شخصية رئاسية جامعة وعلى العناوين العريضة لبرنامجها لإنقاذ لبنان”. ونفى “كل ما يشاع عن توجه “الاشتراكي” لانتخاب سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية بسبب خياراته السياسية”.
جنبلاط وفق المصادر، يحاول تأمين دعم فرنسي لمسعاه التوفيقي، وهو على الارجح سيطالب باريس بمحاولة التوسط لدى طهران، بعد اتصالها بالرياض، ليُليّن الثنائيُ الشيعي موقفه، وسيدعوها الى الاستفادة من مناخات تفاهم بكين لمحاولة إقناع الرياض وطهران بالتعاون في ما بينهما، لتسهيل انتخابات لبنان.
والى الحركة الجنبلاطية، تتجه العيون ايضا الى خلوة حريصا، مع ان الرهانات على إحرازها خرقا رئاسيا، ضعيفة خاصة وانها روحية، وتأتي فيما التباينات بين القوى السياسية المسيحية الكبرى على حالها.
وبعد، تشير المصادر الى انه واذا لم تدفع طهران حلفاءها في لبنان الى الليونة رئاسيا، فإن الشغور باق ولن تخرج البلاد المنهارة منه قريبا.