انطلقتْ في بيروت مرحلةٌ هي أقرب إلى “تمرينٍ” سياسي ـ دبلوماسي على كيفيةِ الوفاءِ بالتزاماتٍ شائكةٍ تَعَهَّدَتْ بها حكومةُ الرئيس نجيب ميقاتي لدولِ الخليج التي أبدتْ بموجبها مرونةً تجاه لبنان تَجَلَّتْ في قرارِ عودةِ سفرائها كبدايةِ مسارٍ مرهونة “تتمّاتُه” الانفراجية بخطواتٍ “قيد المعاينة”، وأيضاً لصندوق النقد الدولي الذي رَبَطَ السلطات الحالية وما بعد الانتخابات النيابية بدفتر شروط مالي صارم يشكّل “جوازَ عبورٍ” من الانهيارِ إلى… منطقةِ الأمان.
وبعد يومين من عودة السفيرين الكويتي عبدالعال القناعي والسعودي وليد بخاري لبيروت، ترصد الأوساط السياسية الحِراك الذي سيعقب هذه الخطوة التي مهّدتْ لها المبادرة الكويتية التي أدارتْ ما يشبه الدبلوماسية “المتعددة الذراع” التي تَشابَكَتْ فيها جهود عربية – خليجية – دولية (فرنسية – أميركية) أفضتْ إلى إطفاء “فتيل” الأزمة بين لبنان ودول الخليج على قاعدة مزدوجة:
أوّلها “اختبارِ النيات” التي عبّر عنها ميقاتي في “بيان الالتزامات” بـ”اتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي ووقف كلّ الأنشطة السياسية والعسكرية والأمنية التي تمسّ المملكة ودول مجلس التعاون”.
وثانيها عدم السماح بترْك لبنان يقع، من البوابة المالية، فريسة الفوضى الشاملة التي من شأنها تهديد استحقاقاتٍ دستورية مثل الانتخابات النيابية ثم الرئاسية، وتالياً فتْح الواقع السياسي على رياح عاتية يُخشى أن تطيح بما تبقى من أسس “جمهورية الطائف”.
ومن هنا جاء التفاهم الفرنسي – السعودي على “الممر الإنساني” عبر مساعداتٍ للشعب اللبناني لن تمرّ عبر المؤسسات الرسمية.