الحزب يعدّ للنصر: تغيير وجه بيروت وتطويق جنبلاط

يفترض بالانتخابات أن تؤدي إلى تغيير جوهري لا يقتصر فقط على التوازنات العددية في المجلس النيابي الجديد، بل يشمل صورة البلد السياسية.

فالحزب رفع سقف المعركة إلى أقصى حدودها: حصوله على ثلثي أعضاء المجلس في أحسن الأحوال، وعلى أكثرية ساحقة في أسوئها. وهو يضع نصب عينيه ما بعد الاستحقاق الانتخابي: كيف تكون التوازنات السياسية، وإلى أي وجهة ترسو البوصلة السياسية، على وقع تطورات إقليمية ودولية يرى أنها لصالحه؟ ولذلك لا بد من تدعيمها بقوة السياسة والدستور والقانون، انطلاقًا وبناءً على نتائج الانتخابات.

النصر على بيروت

وتتركز المعركة الأم في هذا الاستحقاق في العاصمة بيروت. لن يتنازل الحزب عن ما حققه في انتخابات العام 2018، ولا عن ما جرى بعد صدور نتائجها: اجتياح دراجاته النارية شوارع العاصمة ووسطها وبالقرب من السرايا الحكومية، للتأكيد أنه نجح في قلب الموازين البيروتية. وهو اليوم يستعد لتكرار نصره ذاك بأقوى وأوسع منه بعد أسابيع قليلة. وانتصاره الجديد يتكرس في تغييره وجه المدينة ووجهتها من خلال تغيير وجوه ممثليها.

وفيما يظهر الحزب متانة في إدارته العملية الانتخابية وتحالفاته وتأمين الفوز لحلفائه ولو من خارج لائحته، تشهد اللوائح الأخرى حالات من التشظي والتشتت. ويبق الأمر مرتبطًا بإرادة أهل بيروت وكيفية تعاطيهم مع الاستحقاق.

لا بد للحزب من أن يسحب التطورات الإقليمية والدولية على لبنان. وهناك تصور عن احتمال تسليمه البلد بموجب اتفاق إيراني- أميركي، يقابله تصور آخر: السعي إلى إعادة التوازن. لكن هذا التوزان مفتقد نظرًا إلى موازين القوى السياسية والمالية والانتخابية القائمة حتى الآن. ولا شيء قادر على قلب الطاولة سوى تدخل إقليمي، سعودي تحديدًا، للم شمل الحلفاء وتجميعهم مجددًا وتركيز الجهود على عملية رفع نسبة التصويت.

السلطة وتصدير الثورة

المتغيرات في المنطقة تشير إلى أن المحور الإيراني لن يكون خاسرًا حتى في المفاوضات الإقليمية ما بعد المفاوضات النووية. وإيران لن تجعل الحزب من بنود مفاوضاتها، بل تستعمله ولبنان قاعدة لتصدير الثورة والمشروع. وهو أفضل النماذج التي صنعتها في المنطقة. وهي تدرس المكاسب التي يحققها انتقاله من الثورة إلى الدولة، أو من المقاومة إلى السلطة. حتى ثمن ترسيم الحدود عندما يحين وقته، يتقاضاه الحزب ولا أحد سواه. وذلك بواسطة النظام والدستور. وتتضح معالم تلك المرحلة أكثر لدى حلول الاستحقاق الرئاسي، ولا يتمكن النواب من انتخاب رئيس جديد.

تطويق جنبلاط

لذلك يسعى الحزب بكامل قوته إلى محاصرة خصومه انتخابيًا وسياسيًا: دعم حلفائه لضرب وليد جنبلاط درزيًا. وما بين دعم التيار العوني للفوز بنائب واحد أو أكثر، أو ضرب وليد جنبلاط درزيًا يختار الحزب ضرب جنبلاط، لأنه بذلك ينتج كتلة درزية معارضة للمختارة وموالية له. وهذا في إطار سعيه إلى تطويق القوى التي تتجاوز المنطق الطائفي، ولها تأثير سياسي بعيد المدى داخل لبنان وخارجه. فالسعي إلى تأمين فوز أكثر من نائب درزي من الموالين للحزب، في البقاع الغربي أو بيروت أو حتى في الشوف، يعني أن الحزب يريد تسجيل اختراق ميثاقي في الساحة الدرزية.

يعرف الحزب أن تطويقه جنبلاط ونزع الميثاقية الدرزية منه، أثرهما بعيد المدى على التوازنات السياسية. ولن يجد الحزب من يخرج ليسأله عن مشروعه الإقليمي، وعن مزارع شبعا مثلًا، ولا من يتوجه إلى نصر الله بالقول: “أنا بخاصم رجال وبتعاطى مع رجال”.

والحزب قادر على اختراق السنّة من خلال انتاج كتلة موالية له، إضافة إلى تحالفه مع التيار العوني وتيار المردة المسيحيين. وبهذا يحقق مشروعية مسيحية موالية له. لذا يركز الحزب جهوده لتوفير ذلك على الساحة الدرزية: تطويق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي.

زر الذهاب إلى الأعلى