حزم “القوات” يُنقذ بكركي والقيادات المسيحية مِن تحمُّل الإخفاقات!
تحاول بكركي القيام بكل ما بوسعها من أجل فرملة الإنهيار وإنهاء الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى، وهذا الأمر يظهر من خلال إصرار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على استكمال مشاوراته المسيحية والوطنية لعلّه يُحدث ثغرة في مكان ما. إختار البطريرك الماروني راعي أبرشية إنطلياس المارونية المطران أنطوان أبو نجم للقيام بمهمة استمزاج آراء الكتل والقيادات المسيحية بعد غضّ النظر عن تنظيم لقاء الـ64 نائباً مسيحياً في بكركي، ويأتي اختيار أبو نجم لهذه المهمة لاعتبارات عدّة أولها إعطاء مطرانية إنطلياس دوراً أكبر بعدما كانت تُمنح أبرشيات أخرى مثل هكذا أدوار، وثانياً نظراً إلى شخصية أبو نجم القادرة على التواصل مع الجميع ولم يدخل نادي الإصطفاف الماروني الحاد، وثالثاً إندفاع أبو نجم وقربه من البطريرك الراعي.
قد يكون المطران أبو نجم تسلّم «كرة نار» ملتهبة، وما عجز عن فعله البطاركة سابقاً من جمع للقيادات المسيحية، يُحضّر له المطران الشاب، وبات من المسلّمات السياسية المارونية عدم اجتماع الموارنة على رأي، وميزتهم الإختلاف لا الوحدة.
يعمل أبو نجم خلال لقاءاته مع القادة المسيحيين وفق منطق «هاتوا ما عندكم»، فالمطران لا يحمل مبادرة محدّدة بل يستمزج الآراء ليخرج بخلاصة واضحة. وخلال اللقاء مع رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل جرى التركيز على أهمية إتمام الإستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغدّ، وكان هناك إصرار من باسيل على احترام الميثاقية المسيحية وعدم الإتيان برئيس لا يُمثّل بيئته أو غير «محضون» من المكوّنات المسيحية الأساسية، معلناً تجاوبه مع أي فكرة أو لقاء تدعو إليه بكركي لمناقشة مسألة إنتخاب الرئيس والمسائل المرتبطة به.
أما اللقاء الأهم فكان في معراب حيث تمّ البحث في كل ما يُحيط بالأزمة الرئاسية، فكانت إشارة من المطران أبو نجم إلى عتب الكنيسة على المسؤولين اللبنانيين بسبب الإبقاء على الأبواب مغلقة، فيما الوضع يتّخذ مساراً إنهيارياً سريعاً والبلد يتّجه نحو الأسوأ، لذلك يجب المبادرة كي لا نسمح بمزيد من الإنهيارات.
ودخل النقاش بين أبو نجم ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في العمق، وتناول مسار الأزمة اللبنانية وصولاً إلى الإخفاق في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وركّز جعجع على مجموعة مسائل أبرزها: هل إنّ ذهابنا إلى لقاء رباعي مسيحي أو خماسي أو سداسي يحل مسألة الإنتخاب، وما الفائدة من جمع 64 نائباً في بكركي؟ فبحسب معراب الأزمة لا تُحل بهذا الشكل لأنّ الناس لا تريد مثل هكذا لقاءات للصورة لا توصل إلى نتيجة وقد تكون شبيهة بالحوار الذي يريده «الحزب».
وأكدت «القوات» للمطران أن المطلوب اليوم ليس الحوار بل رئيس إنقاذي غير خاضع لرغبة «الحزب» لأنّ أي تأثير لـ»الحزب» على الرئيس يعني إنعدام المساعدات الخارجية وبقاء لبنان في محور «الممانعة»، لذلك لا لزوم للذهاب إلى مبادرات تؤثّر على الوضعية الموجودة مع عدم تحمّل الوضع القائم الذهاب إلى خطوات فارغة وفولكلورية.
وتبلّغ المطران أبو نجم من «القوات» بأنّ أي لقاء للقادة المسيحيين أو جمع الـ64 نائباً مسيحياً يعني تحميل «الحزب» ومحوره للمسيحيين مسؤولية التعطيل خصوصاً وأنّ الانقسام ليس مسيحياً بل بين مشروع الدولة ومشروع «الحزب». وتُشدّد معراب على غياب أي مصلحة لبكركي بنقل المشكلة إليها أو إلى حضن القادة أو النواب المسيحيين، لأن لبّ الأزمة هو بوجود فريق يريد رئيساً ممانعاً يحمي ظهر «المقاومة» ولا يريد حضور جلسات الإنتخاب ويضرب الدستور ويرفض الاعتراف بشروط الإنقاذ.
لم تُغلق معراب الباب نهائياً أمام المطران أبو نجم، بل جدّدت إستعدادها للذهاب إلى أي لقاء مسيحي شرط الخروج باسم رئيس سيادي وإنقاذي، وهي لا تطمئنّ إلى الفريق المسيحي الآخر بعد تجربة «إتفاق معراب» ونقضه البنود العشرة في الإتفاق فور وصوله إلى السلطة ووضعه مصلحته أولاً لا مصلحة المسيحيين واللبنانيين، كما تُشدّد «القوات» على جوهر الإختلاف الحالي بين «التيار الوطني الحرّ» و»الحزب» والذي يتمثّل بالصراع على السلطة بينما يغطي «التيار» سلاح «الحزب» ولا يتجرّأ على الطلب منه تسليم سلاحه إلى الدولة.
سيستكمل أبو نجم جولاته الإستكشافية على القيادات المسيحية، لكن النتيجة باتت شبه محسومة ومفادها غياب أي بصيص أمل لإتفاق المسيحيين على اسم واحد لرئاسة الجمهورية مثلما فعل «الثنائي الشيعي» بفرضه الرئيس نبيه بري أو نادي رؤساء الحكومات السابقين بفرض الرئيس نجيب ميقاتي أخيراً.