حقيقة المرفأ وحكومة ما بعد أيار.. الجزء 2 من الانهيار؟
ليس سهلاً أن تتحوّل الرّغبة الشعبية بإنتاجية سياسية تُكافح الفقر، ونقص الغذاء، والدواء، والطعام، الى أمنية وحيدة، في أي بلد.
فمن المُطالَبَة بضمان الشيخوخة، وبزيادة الرواتب، وبتخفيض الأسعار، وبتثبيت سعر صرف الدولار…، ينتقل اللبنانيون الى الاكتفاء باستمرارية تأمين رغيف الخبز، والأطعمة الأساسية، والأدوية الرئيسية، مع إمكانيّة قبول الاستغناء عن بعض الأطعمة والأدوية، غير المُتسبِّبَة بالوفيات في حال انقطاعها، ولو بنسبة جزئية.
هذا فارق أساسي بين اللبناني، والإنسان في بعض دول منطقتنا، وبين المواطن في دول أخرى، حيث يُطالِب بتحسين ظروفه وأوضاعه، فيما لم يُترَك لنا نحن سوى المُقايَضَة على “موت أقلّ”، ليس أكثر.
ورغم ما سبق ذكره، لا يزال الكذب مستمرّاً، ووعود البعض بغد أفضل “هيك ببلاش”، وبأموال، وكأن حجارة العالم كلّها تفتّتت وتحطّمت و”استسلمت” على صخور الفساد اللبناني، وثقافة الداخل في “التخاوي” مع الاحتلال.
فما معنى الحديث عن أموال تأتينا، لمجرّد إجراء الانتخابات النيابية فقط؟ وهل هذا ممكن، في ما لو استغرق تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات، 5 أو 8 أشهر، أو 11 شهراً، أو ربما أكثر من سنة؟
وهل انتهت الحاجة لـ “حكومة مهمّة”، تقوم بما كان يتوجّب أن يحصل في البلد منذ عام 2020، وذلك حتى ولو تشكّلت من سياسيّين وحزبيّين، بعد 15 أيار القادم؟
وماذا عن التحقيقات في أسباب انفجار مرفأ بيروت (4 آب 2020)؟ هل ان الحقيقة في هذا الملف ما عادت مطلوبة دولياً؟ وهل من مال “فعّال” في لبنان مستقبلاً، من دون إعلان الحقيقة؟ وهل من ضمانة على “تسوية أبدية”، تُلغي إعلانها في شكل مُستدام؟
اعتبر الوزير السابق رشيد درباس أن “هناك حاجة حالياً لأدوية مُسكِّنَة للأوجاع اللبنانية، بانتظار أن يعرف العالم نتيجة العملية الجراحية التي ستحصل في 15 أيار القادم، وهي الانتخابات النيابية”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أنه “من أجل أن يتحمّل الجسم اللبناني الألم، في مرحلة ما قبل الوصول الى الاستحقاق الانتخابي، ها هو يُعطى القليل من المسكّنات الكلاميّة، حتى يتمكّن من أن يمرّر التجربة الانتخابية، وذلك في انتظار اختبار إذا ما كانت تلك التجربة ستنجح أو لا، أيضاً”.
وشدّد درباس على أنه “إذا تسبّبت نتيجة الانتخابات بإعادة إنتاج الحالة التي نحن فيها حالياً، فلن يدخل البلد أي “فَلْس”. وبالتالي، إذا لم نُحسِن السلوك الانتخابي، فلن يردّ علينا أحد، مهما حلّ بنا مستقبلاً”.
وأضاف:”كيس الدولة اللبنانية مُمزَّق من أسفله، كما أنه من دون قعر واضح. وتبعاً لذلك، تحتلّ استعادة الثقة العربية والدولية بالنظام المصرفي اللبناني، وبحريّة تنقُّل الأموال في لبنان، وبنظام سياسي لبناني يحمي البنية الاقتصادية الحرّة في البلد، مكانة متقدّمة على فكرة الإصلاح المصرفي، والترميم النّقدي”.
وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت حقيقة أسباب انفجار مرفأ بيروت، أفلتت من يد الشروط الدولية المطلوبة، للتعاطي مع الدولة اللبنانية، أجاب درباس: “أولويات واهتمامات المجتمع الدولي تتبدّل، وهي صارت في مكان آخر عن ذاك الذي كانت فيه، في عام 2020”.
وختم: “إذا نتج عن الانتخابات النيابية حكومة تُعيد الثقة، عندها يبدأ العمل في لبنان. وهذا مرهون أيضاً بكيفية تشكيل تلك الحكومة”.