إذا التقى ساكنان
سبعة أسباب أدت إلى الاتفاق السعودي الإيراني:
1- الوضع العراقي المتدهور
2- الحالة اليمنية الفاشلة
3- الفشل الإيراني في سوريا
4- انهيار التجربة في لبنان
5- الحرب الأوكرانية
6- السلاح النووي
7- ثورة القوميات في الداخل
بعد فشلها الذريع في العراق، وما نتج عنه من فساد، رعته بمن ولتهم شؤون البلاد، وبعد تخبط مرعب في اليمن، نتج عنه تمرد شعبي واسع، بلغ الإعلان الشعبي وعلى الملأ عن عودته إلى قوميته القديمة، والتبرؤ من الهاشميين وآل البيت وديانتهم…
وبعد سقوط نموذج الدويلة كمقاومة في لبنان، يظهره فشل الثنائي في إيصال مرشحهم إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية.
وبعد انسحاب الروسي من سوريا، وغوصه في وحول الحرب الأوكرانية، وسعيه لاستيفاء ديونه على الإيرانيين من خلال إشراكهم في تلك الحرب، وهرولة الأسد صوب الدول العربية طالباً، العودة والخلاص من إيران…
وبعد اشتعال الداخل الإيراني، وثورة القوميات غير الفارسية هناك، وارتفاع الحديث كله حول موعد الضربة العسكرية للمفاعلات النووية الإيرانية، أدركت إيران وعميقاً أنها في واقع لم تعشه منذ بداية مشروع ولاية فقيهها في نهاية سبعينيات القرن الماض.
يعلم الإيرانيون أنهم باتوا مكشوفين، وأن كذبهم صار مفضوحاً، وما عاد بإمكانهم أن يجدوا حليفاً، وأن الحرب بين الروس والأوكرانيين في طريقها إلى التوسع، وأنهم أضعف خواصر تلك الحرب. وستدفع إيران فيها الكثير الكثير لتحاول حماية ما تبقى من نظامها المتعري عالمياً بسبب أكثر من إثم. من انتشار السلاح غير الشرعي في العالم، إلى تجارة الكبتاغون والمخدرات، وتبييض الأموال غير الشرعية على مستوى العالم، تهديد دول الجوار والمنطقة منذ عقود.
لم يبق أمام إبراهيم رئيسي وفريقه إلا أن يهرولوا إلى الصين، طلباً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد انهيارها الاقتصادي القاسي.
بالمقابل، شهدت المملكة العربية السعودية خلال اسبوعين أكبر نمو اقتصادي في التاريخ 8.7. وتعي إيران أن على رأس السعودية قيادة شابة تسقط أحمال، كانت تعيق تقدم المملكة، من انغلاق، واحتضان نماذج لدول فاشلة كنموذج لبنان.
ولا تكاد تمر ليلة، لا نسمع فيها عن قصف إسرائيلي لمواقع إيرانية سورية، وتكون نتائجه موجعة. أيضاً انتشرت أخيراً معلومات تفيد بأن إيران ستمتلك قنبلة نووية في غضون أيام أو أسابيع.
وتعلم إيران المغزى من انتشار هكذا معلومات، وهي الشاهد على إشاعة أسلحة الدمار الشامل في العراق، والتي أسقطت صدام حسين وجيشه وبعثه، وهدمت العراق، وانتهى الأمر بالاعتراف أن تقارير أمنية غير صحيحة قد ضللت الغزاة.
وعلت أصوات تتحدث عن مواعيد الضربة العسكرية المقررة لإيران. لذا هرولت إلى الصين، ولبت الأخرى لها مسعاها، وتوافق ذلك مع موقف سعودي، يعرف وجهته، ويملك من القوة ما يجعله يفرض شروطاً قبلتها إيران بلا أي تردد.
ستفتح إيران مؤسساتها النووية للتفكيك، لأنها إن لم تفعل ستدفع ثمن ذلك دماراً، لا يمكنها تحمل تكاليفه. وستفكك جماعاتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، لأنها إن لم تفعل سيكون هناك تبعات قانونية مكلفة أيضاً. وقبل أيام، طالبت فرنسا لبنان بتسليم متهمَين بمقتل 52 من المارينز في هجمات حصلت في القرن الماضي.
وإيران المكبلة بعقوبات مالية واقتصادية وسياسية قاتلة، تواجه كل يوم داخلياً ثورة تتنامى إلى حد فقدان الأمل في القدرة على ضبط الأمور.
ستنعكس مفاعيل هذا الاتفاق على لبنان، بتراجع مستوى التشدد لدي الفريق التابع لإيران، وإن علا سقف الخطاب، كغطاء لتلك التراجعات. وسيؤدي ذلك إلى تغيّر كبير في سوريا، والعراق.
وعليه يكون مشروع ولاية الفقيه، وظهور المهدي قد تأجل إلى زمن لا تريده إيران، وهو بيد من ناصبتهم العداء.
لتستفيد الصين بذلك خطوة، تجعلها تقترب من أميركا، والتي بدورها باركت الأمر مسبقاً بالافراج عن أموال إيرانية في البنوك العراقية.
لذلك كتب السفير السعودي في لبنان وليد بخاري قبل أيام “ظاهرة التقاء الساكنين في الاستحقاقات البنيوية، تقتضي التأمل لتكرارها نطقاً، وإعراباً، وخلاصة القول هنا: فيتم التخلص من أولهما إما حذفاً، إذا كان معتلاً، أو بتحريك أحدهما، إذا كان الساكن صحيحاً”. ليتضح للجميع أن حذف الساكن المعتل هنا قد بدأ، وذلك بعدما تم تحريك الساكن الصحيح هناك.