ينشغل محور الممانعة بمسألة الردّ على إسرائيل ليس لنوعية الردّ بل لحجم الردّ الإسرائيلي على الردّ وقدرة الولايات المتحدة على لجم حجم الردّ الإسرائيلي ليكون متناسباً ومتناسقاً مع تواضع الردّ الممانع، ولم تؤدِّ الإتصالات التي جرت بين إيران وأميركا إلى إعطاء ضمانات من هذا النوع مما حشر الممانعة في مأزق ثنائي بين الردّ وتحمّل التبعات وبين عدم الردّ وانتظار اعتداءات جديدة…
بناء على التجارب السابقة التي تضع الأذرع الإيرانية في خدمة أسيادها في طهران، ومع تمثيلية الخلاف بين الرئيس الإيراني المنتخب حديثاً والحرس الثوري حول طبيعة الردّ، برزت إلى الواجهة مسألة الفصل بين ردّ الحزب والردّ الإيراني على أن يسبق الردّ من لبنان لتتصرّف بعدها إيران بحسب ردّة فعل إسرائيل…
إسرائيل من جهتها منحت الراعي الأميركي موافقتها على استئناف مفاوضات الهدنة في غزة من دون أن تتعهد بتوقيف عملياتها “حين وحيث تدعو الحاجة”، ومع اقتراب ردّ الحزب شهدت مناطق الثنائي الشيعي موجة نزوح كانت بأكثريتها باتجاه الجبل وسط تململ الأهالي الذي لم يقتصر على مناصري الحزب التقدمي الإشتراكي خشية تواجد قياديين للحزب في صفوف النازحين مما يعرّض الجبل للإستهداف المباشر وهذا ما ينطبق بدرجة أقل حتى اليوم في المناطق المسيحية وأقل منها في المناطق السنية…
يبقى أن نشير لبيئة الثنائي بأن المسؤول عن تهجيرهم هو الحزب، والمسؤول عن رفض أو تحفّظ البيئات الأخرى على استقبالهم هو أيضاً الحزب نتيجة ممارساته القمعية وعدم اعتباره للآخرين، واعتقاده أن خضوع اللبنانيين لممارساته هو من المسلّمات. لا يمكن لعاقل إلا أن يتعاطف مع مأساة الجنوبيين كما لا يمكن لعاقل أن يتجاهل مخاطر انتشار قياديي وعناصر الحزب بين منازلهم، ولا يمكن لعاقل من بيئة الثنائي إلا أن يتفهم هذه المخاوف وعليه أن يحترم أصول الضيافة ونمط عيش المضيف ورفضه للحرب، وأن لا يكون الجبل والمتن وكسروان وجبيل والشمال بدلاً عن ضائع ورزق سائب في الجنوب.