زمن ابتزاز المسيحيين انتخابياً قد ولّى

لم تتأخّر التطورات السياسية في التأكيد على أهمية وأحقية القانون الإنتخابي الحالي الذي أُطلِق عليه تسمية “قانون جورج عدوان” نسبة إلى الدور الذي لعبته القوات اللبنانية في التواصل مع الكتل النيابية من أجل التوصّل إلى قانون أكثر عدالة في تمثيل المسيحيين بعد معاناة دامت ثلاثة عقود من فرض التمثيل النيابي للمكوّن المسيحي المؤسس للكيان، وقد يكون هذا القانون هو الثمرة الميثاقية الوحيدة الصالحة التي أثمرت في هذا العهد، إنما بتوقيع القوات اللبنانية.

سحر وصلاحية “قانون عدوان” يتجلّى بأبهى حلله في معظم الدوائر الإنتخابية على عكس ما يحاول بعض المتضررين الإيحاء به، فالدوائر ذات الأغلبية المسيحية تشهد منافسة ديمقراطية وعادلة تحفظ حق الجميع في اختبار حجمهم واختيار ممثليهم على الرغم من أن هذه الحيوية تتطلّب أيضاً التخلّي عن الأنانيات في هذه الظروف الإستثنائية فتنسحب القوى الصغرى التي لا تملك حواصل لمصلحة القوى الأقرب إلى تطلعاتها بعد انحسار المعركة حول مقعد واحد في بعض الدوائر مثل الشمال الثالثة، كسروان-جبيل، المتن، بعبدا وزحلة يتنافس عليها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وهذه المقاعد من شأنها أن تكون حاسمة في تحديد الأغلبية النيابية القادمة وبالتالي طبيعة الحكم في السنوات القادمة، لذا على الناخبين المترددين أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار ومنح أصواتهم للأقرب إلى توجهاتهم بين القوات والتيار.

أما المقاطعة من هنا، ودعم “الحزب” للتيار الوطني الحر من هناك فيبقى أثرهما السلبي محدوداً، فمقاطعة المستقبل تقلّص حجمها بعد موقف دار الفتوى والقيادات السنية المحلية في السعي لملء فراغ الشارع السني نيابياً من دون وهم وراثة زعامة الرئيس سعد الحريري، أما تأثير هذه المقاطعة على القوات فيبقى محدوداً نظراً إلى أن المستقبل خاض الإنتخابات السابقة في العام ٢٠١٨ متحالفاً مع التيار الوطني الحر وفي مواجهة القوات اللبنانية في معظم الدوائر نتيجة شهر العسل الذي كان قائماً بين التيارين الأزرق والبرتقالي.

أما دعم “الحزب” للتيار فلم يعد بإمكانه تقديم هذه الوليمة من صحن القوات بل من صحن حلفائه البعثيين والقوميين والمردة والطاشناق وبعض الشخصيات، وبالتالي فإن هذا الدعم لا يزيد من حجم كتلة الممانعة بل عملية استبدال ممانع بآخر وهذا ما تسبب باعتراض حلفاء الحزب وتطلّب تدخل نصرالله شخصياً للمعالجة، لتبقى عين الحزب على المقاعد السنية التي يمكنه حصدها نتيجة غياب المستقبل لتعويض عدد النواب الذين سيخسرهم التيار الوطني الحر.

في الختام، تخوض القوات اللبنانية انتخاباتها لإسقاط نهج العهد وتياره ونزع الغطاء المسيحي عن “الحزب” وذلك بمواجهة التيار وسحب بساط تمثيل الأكثرية المسيحية منه وقد نجحت القوات حتى اليوم في هذه المهمة على الرغم من استهدافها من أحزاب وقوى وشخصيات مسيحية مفترض أنها حليفة طبيعية للمحور المعارض لمحور الممانعة وهذا الأمر يثير تساؤلات وشبهات مشروعة حول الأهداف الكامنة لهؤلاء، تعزيز أكثرية القوات النيابية هو ملك الناخبين في الدوائر الخمس المذكورة سابقاً، ليبقى هامش المفاجآت عاملاً موجوداً للإتيان بأكثرية سيادية وطنية بعد تأمين الأكثرية السيادية المسيحية.

زر الذهاب إلى الأعلى