بدأت بين بيروت وروما الاستعدادات العملية لزيارة البابا فرنسيس لبنان في منتصف شهر حزيران المقبل، وتمّ تشكيل لجنة لبنانية رسمية برئاسة وزير السياحة وليد نصار لمتابعة الاستعدادات والتنسيق مع الجهات المعنيّة في لبنان والفاتيكان، وعيّنت بكركي راعي أبرشية جبيل المارونية ورئيس اللجنة التنفيذية لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك المطران ميشال عون لتمثيل الكنيسة الكاثوليكية في اللجنة الوطنية والتنسيق لإنجاح الزيارة.
كما أعلنت مصادر مطّلعة في الفاتيكان أنّ البابا فرنسيس يعتزم أيضاً زيارة مدينة القدس المحتلّة في حزيران المقبل بعد زيارته لبنان، بحسب وكالة “رويترز”، وأنّ البابا يدرس إمكانية تمديد زيارته المقرّرة للبنان، حتى يتمكّن من زيارة القدس والاجتماع بأسقف الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وبطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل الأوّل بعد وصوله إلى المدينة المقدّسة.
بموازاة هذه الاستعدادات الرسمية والكنسيّة، بدأ العمل من أجل تفعيل قنوات التواصل بين العديد من الجهات اللبنانية مع سفارة الفاتيكان في لبنان.
تواصل بكركي مع الحزب
مصادر مطّلعة على أجواء “لجنة الحوار” بين بكركي والحزب كشفت لـ”أساس” عن اتصال هاتفي بين أعضاء اللجنة لمناسبة حلول شهر رمضان، وجرى الاتفاق على إعادة التواصل واللقاء في أقرب فرصة من أجل إعادة البحث في مختلف الموضوعات المشتركة. وقد أكّد أعضاء اللجنة أهميّة الحوار المباشر بين بكركي والحزب “لأنّه لا خيار أفضل من ذلك”، وأنّ “هذا الحوار يحظى بدعم فاتيكاني”. وقام وفد من الحزب بزيارة السفارة الفاتيكانية، كما أكّد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم خلال مقابلة إذاعية في الأسبوع الماضي، مشيداً بالأجواء الإيجابية للزيارة.
وأوضحت مصادر مطّلعة في الحزب أنّ “التواصل بين الحزب والجهات المعنيّة في الفاتيكان مستمرّ بأشكال مختلفة، وقد جرى اختيار الشيخ شفيق جرادي مدير معهد المعارف الحكمية عضواً في المركز المريمي للحوار بين الأديان، إضافة إلى شخصيات أخرى متنوّعة”.
قمّة روحية.. في الضاحية
على صعيد المؤسسات الدينية الرسمية يستمرّ شيخ طائفة الموحّدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى بجهوده من أجل إعادة تفعيل القمّة الإسلامية – المسيحية والحوار بين المؤسسات الدينية الرسمية. وقد قام أخيراً بزيارة بكركي على رأس وفد من مشيخة الموحّدين الدروز، وعقد لقاء موسّعاً مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وكان أبي المنى قد زار سابقاً دار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وبحث إمكانية إعادة عقد قمّة إسلامية – مسيحية في دار طائفة الموحّدين الدروز، لكنّ المسؤولين في المجلس الشيعي الأعلى، الذين رحّبوا بمشروع القمّة مبدئياً، طالبوا بأن تُعقد في مقرّ المجلس لأنّه في المرّات السابقة انعقدت القمّة في بكركي ودار الفتوى ودار طائفة الموحّدين الدروز، وأنّه يفُترض بروتوكوليّاً أن تُعقد أيّ قمّة جديدة في المجلس الشيعي الأعلى، وأنّ المجلس حريص على تعزيز الحوار الإسلامي – المسيحي، ويبحث حالياً كيفيّة إعادة تفعيل هذا الحوار والتخفيف من التوتّرات التي برزت في المراحل السابقة. وتؤكّد هذه المصادر أنّ المجلس الشيعي الأعلى هو مَن يتولّى تحديد مواقف الطائفة الشيعية الرسمية من مختلف القضايا الوطنية، وأنّه على الرغم من أنّ المجلس يمرّ في مرحلة انتقالية حاليّاً بسبب انتهاء ولاية الهيئتين التنفيذية والشرعية، فإنّ نائب الرئيس العلّامة الشيخ علي الخطيب يواصل مهامّه بشكل طبيعي، وهو يعمل حالياً من أجل تفعيل عمل المجلس وحضوره وتعزيز العلاقات مع مختلف الجهات المعنيّة بانتظار ترتيب الأوضاع الشيعية.
وإضافة إلى الجهات الرسمية والحزبية فإنّ هناك مجموعات لبنانية مدنية وغير رسمية تنشط في مجال الحوار، ومنها مجموعة “لبنانيون من أجل الكيان” برئاسة الأب طوني خضرا، التي التقت العديد من الجهات الرسمية والدينية والحزبية والأكاديمية وطرحت مشروعاً متكاملاً لنقاش مختلف القضايا، ويتوقّع المسؤولون في المجموعة تفعيل التواصل والحوار في هذه الوثيقة بعد انتهاء الانتخابات النيابية.
فهل نشهد تعزيز آفاق الحوار اللبناني – اللبناني عشيّة زيارة البابا للبنان؟ وهل تتلاقى الجهود اللبنانية مع الجهود العربية والدولية لتفعيل الحوار اللبناني – اللبناني بعد الانتخابات النيابية؟