سقوط “الودائع السورية”: في البقاع… رسالة من الحزب للأسد: “الأمر لي”؟
أسامة القادري
شكلت نتائج الإنتخابات النيابية 2022 في المناطق التي تعد ثقل «الحزب» وله فيها فائض أصوات وقدرات تجييرية، حالة استياء عند حلفائه المرشحين على لوائحه، والمعروفين بـ»الودائع السورية»، وتفضيل مرشحي «التيار الوطني الحر» عليهم بالصوت التفضيلي، ما ادى الى خسارة بعضهم المقاعد والبعض الآخر فاز بأصوات هزيلة مقارنة بأصوات مرشحي الحزب. هذا التباين في أعداد الأصوات التي نالها كل مرشح منهم مقارنة بالأرقام التي حصدها مرشحو الحزب بفوارق وصلت الى أكثر من 35 الف صوت تحوّل الى رسائل سياسية شديدة اللهجة للنظام السوري، تحت عنوان «في لبنان الأمر لي». فقد حرص الحزب على رفد مرشحي التيار الوطني الحر في دائرتي زحلة والبقاع الغربي وراشيا الانتخابيتين عن المقعدين المارونيين ودعم النائب سليم عون (زحلة) بأكثر من 2500 صوت، وشربل مارون (البقاع الغربي) بما يزيد عن 1200 صوت من سرايا المقاومة وحزبيين، فكان الحزب بأصواته سبباً في فوزهما.
هذا ما أعاد الى الذاكرة «خداع» النائب السابق نقولا فتوش وإخلال الحزب بوعده باعطائه 5 آلاف صوت في دورة انتخابات 2018، وانعكاس ذلك زحلياً على ادائه السياسي لعدم الايفاء بوعوده، ما ينذر بأن في المرحلة المقبلة لن يكون سهلاً ان يقبل أي مرشح مستقل او حتى حزبي التحالف مع «الحزب». أحد الفاعليات السياسية في البقاع اعتبر أن»الحزب يتعاطى بأنانية بالغة مع المرشحين المستقلين والحزبيين باستثناء العونيين»، وتابع «المرشح السني او المسيحي المستقل عندما ينضم الى لائحة الحزب يكون فدائياً لأنه يضاعف جهده، ولكون الحزب مكروها في البيئتين السنية والمسيحية يصبح دور المرشح الرئيسي تجميل صورة الحزب، والحزب لا هم لديه سوى أن يظهر نفسه انه الرقم الاول في طائفته».
لذا لم تكن نتيجة النائب اللواء جميل السيد في دائرة بعلبك الهرمل (11705 اصوات) مرضية له كحليف بشار الأسد، والتي تدل على تبدل واضح في الأولويات لدى الحزب تحديداً، من خلال الفارق في الرقم الذي كان ناله في دورة 2018 كأعلى رقم يومها 33223 صوتاً، حينها نال النائب حسين الحاج حسن 15662 صوتاً، ليتقدم الأخير في هذه الدورة وينال (23120 صوتاً)، وكذلك باقي مرشحي الحزب.
لم تكن الحال أفضل في البقاع الغربي، وتفضيل الحزب فوز شربل مارون «مرشح جبران باسيل» على سقوط نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي رغم ما يحظى به من توصيات سورية للمحافظة على مقعده، عدا عن أنه يعتبر مرشح الرئيس نبيه بري. وينسحب الوضع على تفضيل رفد مارون بالأصوات بدل رفد طارق الداوود.
كذلك كان الأمر في البقاع الاوسط مع المرشح عن المقعد السني حسين ديب صالح المحسوب على حزب البعث (2465 صوتاً)، حرمه «الحزب» من أصوات سرايا المقاومة بعدما وعده فيها عبر قنوات سياسية، ليفاجأ أن الحزب اوعز للمحازبين بإعطاء تلك الأصوات لمرشحه رامي ابو حمدان (16539 صوتاً) ولسليم عون الذي نال 5554 صوتاً.
أيضاً في دائرة الجنوب الثالثة، يرى كثيرون في سقوط النائب أسعد حردان تخلياً واضحاً عنه من قبل الحزب، فيما النائب قاسم هاشم اسعفه ان لائحة نحو التغيير لم تحصد الحاصل الثالث، لينال في بلدته شبعا 400 صوت، فيما نال فيها النائب علي فياض أكثر 3500 صوت، 600 صوت من سرايا المقاومة، وهذا مؤشر الى مدى التباين بين الحزب وحلفائه، وهذا ما فتح شهية الحزبيين البعثيين والقوميين والناصريين للحديث في مجالسهم الخاصة والأوسع قليلاً، عن أن هذه النتائج هي انعكاس فعلي وواضح للعلاقة بين النطام السوري والحزب، وما تخلل الاشهر السابقة من مضايقات الامن السوري لعناصر «الحزب» داخل «القطر السوري»، فأتت هذه النتائج بمثابة رسائل سياسية للنظام السوري، وللقول له «في لبنان الأمر لي وليس لك»، ويقولون ان هذا المستجد سببه رفض الاسد الاستمرار بالمشروع الايراني، بحسب ما افصح عنه أحد قياديي حزب البعث العربي الاشتراكي، لـ «نداء الوطن» مضيفاً «النظام الايراني حالياً لا ترضيه سياسة الانفتاح على الدول العربية، ولا حتى التقارب السوري الروسي، بدأنا نلمس رفضه التقارب العربي وتحديداً الخليجي مع سوريا». واضاف «نتائج الانتخابات النيابية تؤكد أن الحزب يفضل جبران باسيل على جميع حلفائه، ظناً منه أن تكتل باسيل النيابي المسيحي كلما كان كبيراً ووازناً كلما أمّن له غطاءً مسيحياً لسلاح المقاومة ولمشروع الثورة الاسلامية في ايران».
وفي هذا السياق تعرب مصادر مقربة من «الحزب» أن «الحزب لم يعد بمقدوره تحمل عبء حماية مقاعد حلفائه بعد التشظي الحاصل في البنية اللبنانية، كما لا يريد ان يسجل عليه انه نال الأكثرية لترمى كرة نار الأزمة اللبنانية بين يديه وتحميله كامل المسؤولية، وبهذه النتيجة لم يعد أي فريق قادراً ان يقول «انا الأكثرية»، وعن احجامه عن اعطاء مرشحين حلفاء اصوات حزبيين، قال «الحزب ما عنده كاريتاس، ليُرضي هذا وذاك، المطلوب من كل فريق ان يحدد حجمه، لا ان يعتمدوا دائماً على حجم غيرهم وتحديد الحجم طبعاً يحتاج الى تنافس في الخدمات الاجتماعية والانسانية والسياسية». وكرر المصدر كلام نائب أمين عام «الحزب» نعيم قاسم «كما ان المرشحين الخاسرين اصدقاؤنا وحلفاؤنا ايضاً من ضمن الرابحين اصدقاء للحزب»، وأوضح: «ما قبل الانتخابات ليس كما بعدها، مقبلون على واقع مختلف واصطفافات جديدة».