ضج لبنان منذ أيام قليلة بخبر النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون بأنها تحدثت عن مكافحتها للفساد أمام مجلس الشيوخ الفرنسي وبدعوة منه، وحتى هذه اللحظة ما زال البعض يتداول الخبر في هذه الصيغة مضللاً مجموعة كبيرة من اللبنانيين الذين صدقوا هذه التفاصيل من دون تكليف أنفسهم معرفة حقيقة ما حصل.
في الواقع أن القاضية عون ليست مدعوة من قبل أي جهة او لجنة في مجلس الشيوخ الفرنسي، وأن صاحب الدعوة هو المرشح عن أحد المقاعد السنية في طرابلس عمر حرفوش، والذي استأجر قاعة في مجلس الشيوخ الفرنسي من أجل تنظيم هذه المحاضرة التي شارك فيها عضو واحد فقط من مجلس الشيوخ الفرنسي وهي ناتالي غوليه.
وقد كتب عمر حرفوش على صفحته على «فايسبوك» باللغتين العربية والفرنسية قائلاً: «نظمت اليوم مؤتمراً لمحاربة الفساد وتجميد الأموال وإعادتها إلى الضحايا في صالة ميديسيس بمجلس الشيوخ الفرنسي، بمشاركة القاضية غادة عون»(مرفق صورة المشاركين في الندوة وصورة ما كتبه حرفوش).
وقبل أن تطأ قدما القاضية غادة عون أرض فرنسا بناء لدعوة من المرشح عمر حرفوش، كانت التطورات القضائية تسجل في لبنان حدثين مهمين في الملفات التي تلاحقها القاضية عون.
الأول هو أن قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور وافق على إخلاء سبيل رجا سلامة شقيق الحاكم رياض سلامة بكفالة بلغت قيمتها ٥٠٠ مليار ليرة، وبغض النظر عن قيمة الكفالة التي شكلت سابقة في تاريخ القضاء اللبناني، فإن مجرد الموافقة على إخلاء سبيل سلامة يعني أن ليس في الملف من عناصر وأدلة تستوجب إبقاءه موقوفاً، وفي أحسن الأحوال فإن الشبهة التي قد تكون بحقه ليست أكثر من جنحة لا يصل حكمها إذا ثبتت شهراً واحداً. في القانون، إذا ما قيل عن رجا سلامة لا يتناسب مع الواقع ولكنه مع ذلك بقي في السجن إذ إن قيمة الكفالة شكلت عائقاً أمام إطلاق سراحه، ويسأل مقربون من سلامة هل كان هذا الأمر مقصوداً كي يبقى في السجن لاستكمال الضغط على الحاكم وتسجيل المزيد من النقاط في السياسة؟
الحدث الثاني هو أن القاضية عون قد رفعت قرار منع السفر عن رئيسي مجلسي إدارة بنك عوده سمير حنا وبنك لبنان والمهجر سعد الأزهري، والسؤال هنا هل جاء هذا القرار بعدما تأكدت القاضية غادة عون أن حنا والأزهري لن يفرا من لبنان للإلتحاق بالأموال التي أوهموا بها الناس أنهم هربوها إلى الخارج؟
كل ما سبق ليس دفاعاً عن أحد ولا هجوماً يطال أحد بل هو مجرد سرد لوقائع تثبت أن الكثير مما أُوهم به الناس لم يكن سوى مجرد ذرّ للرماد في العيون، للتغطية على من يواصلون سرقة المال العام والخاص.