صلاة في معراب

“اللّه أكبر.. أشهد أن لا إله إلّا اللّه”

تكبيرة وصلت الأرض بالسّماء في معراب، لتمزج الإحسان بالإنسان.

صلّى المسلمون على سجّادة معراب، بخشوع المؤمنين لصوت السّماء في تكبيرات المؤذن.

ورحنا نطوف حول لبنان، ونسعى في المكان الّذي باركنا بجمعه لنا مؤمنين نحج إلى ديار الحبّ.

وأجمل الأجر أن تفطر على تآخ ومحبة، فمسلم يسمي اللّه قبل الطّعام، ومسيحي يشكره على نعمه.

نعم لم نكن على التّوباد، ولم نر نارًا نأنس إليها، لكنّنا كنّا على جبل اشتعل صفاء وصدقًا وإيمانًا. وقد كلّمنا الله بصوت الإنسان، وتشاركنا مائدته الّتي انتظرناها طويلاً نحن الصّائمون عن وطن منذ عقود، ونتوق إليه أن يحل علينًا عيدًا لا ينتهي.

لم يكن الطّعام في معراب خبزًا به يحيى الإنسان، بل كان رسالة تمد أرواح الحاضرين بما يحيي الأوطان.

كبّر المؤذن فسرت فينا نحن الصّائمين رعشة الولادة، واكتست روح المضيفين بهجة الخلاص.

كنّا في معراب محبين يحسنون إلى محبين، ومؤمنين يَصِلُون السّماء بالأرض بحبال من نور.

هناك في معراب.. تساقط نخيل مريم رطب محبة على المتعبين، وتفجّر ماء هاجر زمزم نقاء يطهّر الشّاربين، ويهدىء خوف التّائهين.

هناك في معراب كبّرنا، وأفطرنا، وصلّينا، وعدنا إلى بيوتنا بلا ذنوب أكتسبناها في الطّريق إلى الوطن.

هناك في معراب، توحّدت رسالات السّماء نبوّة تبشّر الإنسان بالإنسان، وتقدّم الحياة على الموت، فيزهر الإيمان جهاد نفس يدكّ حواجز الحقد والضّغينة، ويبني كعبة محبّة بركنها اليماني الّذي منه بدأنا طوافنا حول الإنسان والوطن.

هناك في معراب أنزل الله على قلوبنا سكينة تليق بالخائفين على القيامة، فأمّت جبّة بيضاء رجاء المستغفرين، وأمّن السّامعون خلف حكيم يهتف:

“حي على الوطن”.

Exit mobile version