صيدا و”شيطنة” القوات
“بوسطة عين الرمانة” التي شكَّلت الصاعق لتفجير الحرب اللبنانية في 13 نيسان 1975، كان يمكن أن تكون في صيدا في 27 شباط من السنة ذاتها، ليس على شكل بوسطة، بل على شكل تظاهرة لصيادي الأسماك، لم يُعرَف إلى اليوم مَن اندسَّ فيها وأطلق النار على معروف سعد (الذي توفي لاحقًا في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت).
المغزى مما تقدَّم أنه كان المطلوب تفجير الحرب اللبنانية، استُعمِلت مدينة صيدا، يومها لم تكن هناك قوات لبنانية بل إن صيدا كانت مليئة بالمسلحين الفلسطينيين، وكان الجيش اللبناني موجودًا على الأرض.
لماذا العودة إلى شباط 1975 في صيدا؟ للدلالة على أن عوامل تفجير الحرب كانت موجودة: أجهزة مخابرات عربية ودولية كانت متغلغلة في المدن حيث التماس واضح بين الجيش اللبناني والفلسطينيين، في قلب الأحياء والشوارع اللبنانية، وانطلاقًا من هذا “البازل” المتنوِّع، كان من أبسط الأمور تفجير صاعق الحرب.
الذين يعودون بصيدا إلى التاريخ، لماذا يبدأ عندهم التاريخ من حيث يناسبهم؟ ويزجون بأسماء وفق أهوائهم؟ لماذا منذ 1982 و1983 و1984 ، وليس منذ 1975 و1969 ؟ هل لأنهم يعتبرون أن التاريخ الذي يناسبهم يمكن “تسييله” في صناديق الإقتراع، أو منع الناخبين من التوجه إلى صناديق الإقتراع؟
أصبحت التواريخ كمقياس “ريختر” للزلازل ، يتم اختيار الرقم (اي التاريخ) لتحديد حجم الهزَّة السياسية التي يُراد افتعالها.
وتدخل في هذا المعيار ثقافة “نبش القبور” التي تحترفها بقايا التنظيمات الآفلة وكوادر في تيارات آفلة بدورها.
الذين يشيطنون القوات اللبنانية، لماذا قفزوا فوق حقبةٍ تاريخية امتدت من 1969 إلى 1976 ؟ ولماذا يبدأ التاريخ عندهم لاحقًا؟ هل لأن الأحداث بين 1969 و1976 لا تناسبهم لأن ليس فيها قوات لبنانية يصوِّبون عليها؟
قد تكون بقايا أو فلول تلك الحقبة معذورة، بسبب عقائديتها، ولكن ماذا عن التيارات الجديدة التي وجدت نفسها في التقاء موضوعي مع الفلول على قاعدة ان “المصيبة الإنتخابية جمعتهم”؟
اليوم أصبح فؤاد السنيورة خائنًا؟ ويوسف النقيب خائنًا؟ مَن هو الوطني بنظرهم في هذه الحال؟ هل قرأوا ظاهرة خروج اسامة سعد من تبعيتهم؟
صدقَ مَن قال: الحقد اعمى … لكن لا بد من التنويه أنه يُعمي صاحبه!