تنتهي في الثاني من آذار، أي يوم الخميس من هذا الأسبوع، مرحلةٌ من تاريخ الأمن العام اللبناني طبَعها رجلٌ بطابعه الخاص، وقد ارتبط اسمه بأدوارٍ وملفات فاقت حجم منصبه.
ينهي اللواء عباس ابراهيم الخميس مسيرته على رأس مديريّة الأمن العام، بعد ١٤ سنة أمضاها قادماً من الجيش اللبناني.
وتشير مصادر مقرّبة منه الى أنّه سيغادر موقعه حتماً، وهو مرتاح الضمير لما حقّقه في مرحلة هي من الأصعب في تاريخ لبنان، وقد تجاوز فيها أكثر من قطوع، وحقّق أكثر من إنجاز، وصنع دائرة علاقات واسعة خارج لبنان.
ويفتح خروج اللواء ابراهيم الباب أمام مسألتين: الأولى خلافته والثانية مستقبله. ففي مسألة الخلافة، يُرجّح حتى الآن أن يخلفه الضابط الأعلى رتبة، علماً أنّ البحث جارٍ في أكثر من سيناريو محتمل بهذا الشأن، وقد يُحسم أحدها يوم الخميس في أقصى حدّ.
أما بشأن مستقبل ابراهيم، فمن الطبيعي، بعد أن يمضي فترة راحة بين منزلَيه في بيروت والجنوب، أن يفتتح مسيرةً جديدة عبر العمل السياسي المتحرر من الإطار الوظيفي، وهو سيكون مرشّحاً طبيعيّاً لأن يتولّى منصباً وزاريّاً في الحكومة المقبلة، علماً أنّ تمسّك الطائفة الشيعيّة بوزارة المال سيحرمه من تولّي إحدى الوزارتين الأمنيّتين، الداخليّة والدفاع.
ومن الطبيعي أيضاً أن يخوض ابراهيم الانتخابات النيابيّة المقبلة، ولو أنّه من المبكر التحدّث عن هذه المسائل، علماً أنّ توتّر علاقته برئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان له الأثر الأكبر في عدم بقائه في منصبه وفق مصادر نيابيّة، سيفرض نفسه على حركته السياسيّة المستقبليّة التي قد تشكّل مصدر إزعاجٍ لبري.
كما أنّ تأثيره على الأمن العام، بعد خروجه منه، سيتوقّف على هويّة من سيخلفه وعلاقته المباشرة به.
من المؤكد أنّ اللواء عباس ابراهيم يملك الكثير من الأسرار، كمثل أيّ ضابط أمني يتولّى موقعاً حسّاساً جدّاً، علماً أنّ موقع مدير الأمن العام تختلط فيه السياسة بالأمن، وهو ما أجاد فعله اللواء ابراهيم الذي لم يكن شخصيّةً مستفزّة ونال احتراماً واضحاً، ما يفسّر غياب الانتقادات السياسيّة التي توجّه اليه.
وبعد ١٤ عاماً، لن يرتاح اللواء ابراهيم طويلاً، ولكنّ “صورته” قد تختلف هذه المرة إن انغمس في السياسة وحدها، في بلدٍ تزداد فيه الانقسامات حدّةً وعصبيّة. وإذا كان لكلّ مرحلة رجالاتها في لبنان، مع استثناء نبيه بري من هذه المعادلة، فإنّ المستقبل سيحدّد الموقع الذي سيناله ابراهيم، وزارةً ونيابةً، و، من يدري، رئاسة مجلسٍ نيابيّ…