عشيّة #عيد الفطر، جلنا في #سوق بربور البيروتيّة التي كانت تعدّ تاريخيّاً مقصداً لما عرف قبل الانهيار بالطبقة الوسطى. بدت الحركة في السوق متواضعة وشبه غائبة، يخترقها تنقّل بعض الأمّهات مع أطفالهم، حاملين أكياساً، بين المحال التجاريّة. الحركة في محال ألبسة الأطفال تعاكس السوق كلّها. فالعيد للأطفال، والأهالي يفرّحون أولادهم ولو بقليلاً. لكن في محلّات الألبسة النسائيّة والذهب والأحذية وغيرها، يسود الجمود.
لدى دخولنا الى محالّ للألبسة النسائية، بدت البائعة شاحبة ويائسة ولا همّة ولا نفس على الكلام. تجيب مرغَمة من باب اللياقة، على أسئلتنا حول حركة العيد بالقول: “اعفني من الحديث، إذ لا شيء أتحدّث عنه، فالحركة من دون بركة”.
كذلك، جارتها في المحلّ الملاصق، تضع سماعات الجوّال في أذنيها، علّها تسمع ما يلهيها عن همومها، والمحلّ “يصفّر” وينتظر مَن يدخل لتغيير هذه النغمة. لدى تعريفنا عن أنفسنا، رفعت يدها في إشارة إلى توقّفنا عن الحديث، ولم تردّ حتى سماع سؤالنا.
أمّا صاحب محلّ للألبسة النسائية، فيتحدّث بحسرة: “لا نفع للكلام، والحركة معدومة، وأنا أجلس كحارس للمحلّ، إذ لا يدخل أحد حتّى للسؤال عن الأسعار”.
في الجهة المقابلة، تجلس سيّدة تتّكي رأسها على يدها. وتسرد عن مدى انعدام الحركة بأنّ “الساعة أصبحت 4:30 بعد الظهر وحتّى الآن لم أستفتح”. عادة، كان المحلّ يزدحم بالزبائن في مثل هذه الأيام، “لكنّ العمل ميت”. وتضيف: “حاولنا أن نفتح بعد الإفطار حتى الـ12 ليلاً، لكنّ الأمر لم يأتِ بنتيجة”.
إلى ذلك، تؤكّد صاحبة محلّ ذهب أنّ “الحركة غائبة كليّاً، ونعوّل على المغتربين، إن أتوا خلال العيد”.
سوق بربور جامدة في جمعة العيد
“أسواقنا معدومة في جمعة العيد هذا العام”، يؤكّد رئيس جمعية تجّار بربور، رشيد كبّه لـ”النهار”، مع تراجع القدرة الشرائية بشكل إضافيّ عن العام السابق، ما أدّى إلى فقدان نسبة كبيرة جدّاً من زبائن الطبقة الوسطى، روّاد سوق بربور.
الناس حاليّاً يقسّمون مداخيلهم بالليرة على الغذاء والدواء والأساسيات وليس الكماليات، و”نحن خسرنا هؤلاء الناس في أسواقنا اللبنانية كافّة وليس فقط في سوق بربور”.
أمّا بالنسبة إلى محالّ ألبسة الأطفال في السوق، فشهدت حركة عيد جيّدة، وفق كبّه. ويبلغ عددها نحو 15 محلّاً من أصل 240 مؤسسة. ومنذ نحو 5 أيام، حتّى الآن، بدأ الإقبال على هذه المحالّ، إذ منها مَا استورد بضاعة من تركيا لموسم العيد منذ أوّل شهر رمضان.
وبرأي كبّه، مَن اعتاد شراء ثياب العيد لأولاده، سيشتري لهم هذا العيد، لكن من غير النوعيّة التي اعتادوا عليها، إنّما كي لا يحرموا الأطفال فرحة العيد، خصوصاً وأنّ خلال العام الماضي، كانت الأسواق مقفلة بسبب انتشار كورونا، ولم يشترِ الأهالي لأولادهم. لذلك، يتوقّع كبّه هذا الموسم تحرّكاً أوسع في هذا الإطار.
بعض محالّ ألبسة الأطفال في السوق فتحت يوم الأحد الفائت لتلبية الزبائن قبيل العيد، يؤكّد كبّه. وفيما اعتادت المحالّ عامة أن تفتح بعد الإفطار في السنوات الماضية، وعن هذه العادة هذا العام، يورد كبّه أنّ هناك بعض المحالّ يفتح بعد الإفطار، لكن مقارنةً بسنوات ما قبل كورونا، كانت المحالّ في آخر 10 أيام من شهر رمضان، تفتح لغاية الثانية فجراً، وليس فقط محلّات الألبسة، إنّما جميع المحلّات التجارية، حتى تلك التي تبيع الأغراض المنزلية منها.
ويعيد كبّه هذا الجمود إلى عامل أساسيّ يؤثّر سلباً عل حركة السوق، إلى جانب العامل المادّي، وهو غياب الاستقرار الأمنيّ، وسط قطع الطرقات، كما حصل الأسبوع المنصرم في كورنيش المزرعة وقصقص. ويضيف أيضاً مشكلة غياب الكهرباء، التي تعيق أصحاب المحالّ من أن يفتحوا لوقت طويل، “فالأمر مكلف جدّاً ولا يوجد مدخول يغطّي هذه النفقات”. لذلك، تفتح معظم محالّ سوق بربور، قبيل العيد، حتى الساعة السادسة والنصف، أي قبل نحو ساعة من الإفطار، ما خلا بعض محلّات الحلويات وألبسة الأطفال التي تفتح حتى الـ 11 ليلاً.
ولا يتوقّع كبّه أن تتحرّك السوق في الأيام القليلة المتبقّية من شهر رمضان، “فوضع التجّار مأسويّ”.