عرف بعض اللبنانيين عمر حرفوش موسيقياً قبل أن يطل عليهم سياسياً يريد استرجاع الأموال المنهوبة؛ ومحاسبة معطّلي معمل فرز طرابلس وناهبي المال العام في البلد، ومؤسساً لما سماه الجمهورية الثالثة.
لطالما تفاخر حرفوش على الفايسبوك بصوره مع الزعماء السياسيين في لبنان. أتت الثورة فاستغلّها وانقلب على الشخصيات السياسية التي كان يتباهى بها، لا سيما رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي لاقى منه أكبر كمية من الإنتقاد. تسوية رئاسية تتبعها ثورة. كان لا بدّ من تراجع شعبية الحريري وميقاتي وباقي السياسيين في الشارع الطرابلسي. ظنّ مرهف الإحساس، الموسيقي غير الفقيه بالسياسة، أنها اللحظة المؤاتية. حرق كل المراحل دفعة واحدة وصعد السلّم درجة واحدة. ترشّح للنيابة ورئاسة الحكومة، بالنسبة له انه المخلص. أعلن قيام الجمهورية الثالثة التي تضمه وحده مع بعض الأشخاص المحيطين به. أمسك حرفوش بالسياسة اللبنانية من ذنبها الأعوج. راح يطلّ عبر شاشات التلفزة بشكل كثيف ويطلق التصريحات السياسية الغريبة التي لا يتقبّلها العقل اللبناني بسهولة. تعهّد بجمع الزعماء اللبنانيين في سجن واحد لاستعادة الأموال التي نهبوها من الدولة.
جُوبه حرفوش بحملة مضادة من أنصار السياسيين وغيرهم أيضاً. صفحاته على التواصل الإجتماعي وصوره الخادشة للحياء إلى جانب خطابه غير المدبلج في الشارع الطرابلسي، كفيلة بأن تجعله كذبة كبيرة في عيون الناس. كل ما قام به حرفوش من إعلام ودعاية ومسيرات وحشود في المهرجانات، ما كان إلا أنشطة موجّهة الهدف عبر المال الإنتخابي الذي صُرف لها. واجه مشكلة في تشكيل لائحة فجاء بمرشّحين من دون حيثية وبعضهم محسوب على تيارات سياسية هو يهاجمها ومنهم عونيون. أغراهم بأن مصاريفهم الإنتخابية جميعها مضمونة. قبل أيام من 15 أيار تشظّت اللائحة الحرفوشية بانسحاب بعض أعضائها، وقيل ان ذلك أتى على خلفية عدم إيفائه بما وعد به مرشّحيه. كان واضحاً قبل ذلك وبعده أن الشارع الطرابلسي لم يهضم خبرية الحرفوش من أساسها. كل الضخ الإعلامي الذي قام به عن تمكّنه من الوصول إلى حاصل أو أكثر لم يقابله الشارع إلا على أنه مزحة. آخر مهرجان للائحته اتّسم بالفوضى وغياب التنظيم. سُرقت الكراسي وبيعت على الطريق. اختفى حرفوش بعدها، سافر ولم يعد، تاركاً وراءه صوراً عملاقة في الشوارع وانتخابات لن ينافس عليها كما كان يعطي مواد للإعلام ليروّجها. آخر صيحات عمر حرفوش سلسلة منشورات عن مسؤوله الإعلامي يتهمه بالعمل ضد مصلحته ومصلحة لائحته.
لم يكن أحد من العارفين بشؤون طرابلس يرى في حرفوش أكثر من فقاعة صابون عابرة. ظنّ حرفوش أن كثرة الضخ الإعلامي بالمديح ستعوض عن الإنتقادات التي تطاله. ضرب عشوائياً في كل اتجاه ولم يصب. هاجم «الحزب» ومدحه، لم يهاجم العونيين والعهد ولو بكلمة. طالب بإخراج «القوات» من طرابلس بالإنتخابات، فأخرجته طرابلس. لم يفهم الواقع الطرابلسي ولهذا السبب لم تتقبّله المدينة فخرج منها مزحة ثقيلة سمجة وورقة في عاصفة هوجاء لا يعوّل عليها.