عندما اختلى نصرالله بفرنجيّة دون باسيل!

لم تتوقّف الأنباء عن مأدبة الإفطار التي أقامها الأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله الشهر الماضي، وجمعت رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.

لعلّ الفصل المثير من هذه الأنباء ما وصل أخيراً من موسكو التي زارها فرنجية بعد مرور أيام على مأدبة نصرالله. هناك في العاصمة الروسية، قال زعيم “المردة” أمام مضيفيه الروس كلاماً بدا قاطعاً الشكّ باليقين، وفيه أنّ نصرالله هو مَن لمّح بتأييد وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية التي ستُجرى انتخاباتها في الخريف المقبل.

في 23 نيسان الماضي، ورد في “أساس” مقال تحت عنوان: “هل قال فرنجية للافروف: أنا رئيس الجمهورية المقبل؟”. ورد في المقال أنّ الزائر اللبناني أفصح في 15 نيسان الفائت أمام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أنّه سيكون “رئيس الجمهورية المقبل في لبنان”. لكنّ قناة المعلومات، التي أوردت معطيات هذه الزيارة في حينه، أشارت أخيراً إلى أنّ فرنجية أسند تأكيد وصوله إلى قصر بعبدا بما سمعه من زعيم “الحزب” شخصيّاً على مأدبة الإفطار، وذلك وفق ما أسرّ به الزعيم الشمالي أمام أحد كبار مساعدي الوزير لافروف.

وممّا قاله فرنجية في هذا الصدد: “بعد انتهاء مأدبة الإفطار، غادرت مقرّ الأمين العام للحزب. وقبل أن يتحرّك موكبي، جاءني أحد مساعدي السيد نصرالله ليستمهلني ويدعوني إلى العودة للقاء السيد، فأجبتُ طلبه. وعندما التقيتُ الأمين العام مجدّداً بادرني بالقول إنّه رغب في رؤيتي على انفراد بعد مغادرة النائب باسيل كي يؤكّد لي أنّ الحزب يؤيّد وصولي إلى رئاسة الجمهورية عندما يحين أوان الانتخابات لملء هذا المنصب خلفاً للرئيس الحالي ميشال عون، الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول المقبل”.

يمضي فرنجية في عرض معطياته أمام المسؤول الروسي، فيقول إنّ قائد الجيش العماد جوزف عون لن يترشّح ليشغل منصب رئيس الجمهورية استناداً إلى “واقعة مفادها أنّ العماد عون قد سُئل مباشرة عمّا إذا كان يتطلّع إلى أن يكون خلفاً للرئيس عون، فأجاب بالنفي”.

لا تبتعد هذه المعلومات كثيراً عمّا صرّح به فرنجية قبل أيام في مقابلة تلفزيونية أوردت نصّها الوكالة الوطنية للإعلام، أعرب فيها عن ثقته بقدرة نصرالله على الوفاء بتعهّداته. فردّاً على سؤال، قال: “كنتُ أيضاً لألتقي باسيل لو دعاني البطريرك بشارة الراعي أو الرئيس ميشال عون، والفرق بين البطريرك الراعي والسيد نصرالله أنّ الأخير يمكنه أن يضمن اتفاقاً إذا حصل مع باسيل، لكنّ البطريرك يمكنه فقط أن يصلّي لنا”.

واقعية فرنجية

في المقابل، بدا رئيس تيار “المردة” واقعياً حيال فرص فوزه بمنصب الرئاسة الأولى. ربّما تكون هذه الواقعية صدىً لِما سمعه فرنجية من نصرالله شخصيّاً. فهو قال: “لست مرشّحاً، إذ لا يترشّح المرء لرئاسة الجمهورية في لبنان، بل اسمي مطروح لرئاسة الجمهورية. وإذا سمح الظرف الإقليمي والدولي والداخلي فسأكون رئيساً للجمهورية”.

ربّ سائل: لماذا تحاشى نصرالله الإفصاح لفرنجية عن تأييد “الحزب” لوصوله إلى قصر بعبدا في حضور باسيل؟ الجواب، الذي لم يعُد سرّاً، هو أنّ الهوّة التي تفصل ما بين رئيسَيْ “المردة” و”التيار الوطني الحر” هي من السعة بحيث باتت عصيّة على الردم حتى لو حاول الأمين العام للحزب القيام بردمها. وهو بالفعل حاول ذلك بحسب فرنجية عندما قال الأخير: “قبل 6 أشهر تحدّث معي الحزب بتحالف انتخابي مع التيار الوطني الحر، وقلنا إنّ النَفَس الشعبي لا يتقبّل حلفاً انتخابياً اليوم، وإنّ الأمر أتى متأخّراً”.

عندما أعلن فرنجية ترشّحه لرئاسة الجمهورية في 18 كانون الأوّل من عام 2015، قال: “نحن أمام فرصة تاريخية، ومَن لديه فرصة أخرى للبنان فليقدّمها ويبادر، لكن اليوم إذا ضاعت هذه الفرصة أخشى أن نذهب إلى مرحلة أسوأ بكثير ممّا نحن عليه”. وبالفعل، فقد تحقّقت النبوءة، إذ وصل لبنان إلى مرحلة هي الأسوأ لم يعرف مثيلاً لها من قبل.

قتل الصهر؟

بعد وصول عون إلى رئاسة الجمهورية بعامين قال فرنجية: “حين سُئل أحدهم مَن أهمّ زعيمين في التاريخ بالنسبة إليك، كان جوابه: “بينيتو موسوليني وصدام حسين”، وعندما سألوه لماذا وما الذي يجمع بينهما؟ كان ردّه: “هذان الزعيمان هما الوحيدان في التاريخ اللذان تمكّنا من قتل صهرَيْهما”.

بالطبع، ليس وارداً حتى الآن أن يحذو رئيس الجمهورية حذو موسوليني وصدام حسين حيال صهره الذي يشغل منصب رئيس التيار الذي أسّسه عون ورَأَسه أعواماً طويلة. في المقابل، يبدو أنّ “محور الممانعة”، بحسب ما أوردته صحيفة “الشرق الأوسط”، يميل إلى حسم موقفه بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وإن كان يتريّث في إعلان موقفه إلى ما بعد إنجاز الاستحقاق النيابي، مع أنّ المعركة الرئاسية هذه المرّة لن تكون محصورة بالقوى المحليّة، وستكون لها امتداداتها إلى الإقليم والمجتمع الدولي، وفق ما أوردته الصحيفة.

في انتظار حلول موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يشعر فرنجية بـ”الطمأنينة” لأنّ مَن قال إنّه “يمكنه أن يضمن اتفاقاً”، أي نصرالله، قد صرّح بتأييده لوصوله إلى قصر بعبدا.

أمّا باسيل، الذي لم يسمع نصرالله يقول ما قاله لغريمه الشمالي، فهو يقدّم كلّ يوم إثباتاً على أنّه يسير فوق جمر الاستحقاقات، فلا يكتم الشعور بالألم الذي يتحوّل إلى شتائم يوزّعها في أكثر من اتجاه.

Exit mobile version