غادة عون والمصارف: ثنائية جديدة ينتجها نظام الثنائيات

كثيرة هي الثنائيات التي انتجها النظام السياسي القائم

14 و8 آذار، السياديّون والممانعون، الاستنسابية والمصارف، كثيرة هي الثنائيات التي انتجها النظام السياسي القائم، فهي منطق عمله، وهي مصدر قوّته، ومصدر وقود للشحن الطائفي والمحوري التي تتغذى منه الأحزاب الحاكمة.

الثنائيات تعزّز السلطة

بعيدًا عن السرديات المضلّلة، فإنه من الواضح أن كلا طرفي أي معادلة تنتجها الأحزاب الحاكمة، هي معادلة يستفيد منها الطرفان. فالمواجهة ما بين القوّات اللبنانية والحزب، على سبيل المثال، هي مواجهة تتعزّز بها القواعد الشعبية للإثنين معًا، فالأوّل يظهر لمناصريه كالسد السيادي المنيع بوجه الحزب، والثاني يظهر كالسد المنيع دفاعًا عن قضية المقاومة. ومن السهل رؤية اعتماد الاثنين على هذه العداوة واستغلالها للشحن الطائفي، خصوصًا ما قبل الانتخابات وما بعد أحداث عنيفة كأحداث الطيونة.

أمّا مواجهة السلطة الحاكمة، فهي مواجهة الأجدر أن تكون ليس فقط “ضد أحزاب السلطة”، بل مواجهة تعمل من خارج منطق النظام ذاته. فكما يقول المفكّر مهدي عامل، إن “الطائفيّ لا يُنْقَضُ بالطائفيّ، لا في الفكر ولا في السياسة، بل يتعزّز به حتى لو كان نقداً”.

وبذلك، مواجهة النظام تعمل على ثلاثية ثابتة: أولًا، خطاب لا-طائفي، أي علماني، لا يعمل للدفاع عن طائفة ما من “غزو” طائفة أخرى، بل للدفاع عن جميع المقيمين. ثانيًا، خطاب بوجه مصرفيّي النظام. ثالثًا، خطاب تحرّري بوجه ارتهان الأحزاب الحاكمة للمحاور الإقليمية.

غادة عون والمصارف: مواجهة الاثنين معًا

من البديهي وضع الحالة التي أنتجتها غادة عون والمصارف ضمن خانة ثنائيات النظام. ومثلها مثل الثنائيات الأخرى، الطرفان في الخطأ. نعم، أداء غادة عون استنسابي، ونعم، على المصارف وحاكم مصرف لبنان أن يُحاكموا وأن يُحاسبوا. والنتيجة المتوقّعة لهذا الصراع هو تحوّله إلى أمر معقّد. وعملية التعقيد مقصودة، بالطبع. فهي تحولّت الآن إلى صراع حول “حرية التعبير”، مع دخول الإعلامي مارسيل غانم في القضية، وتجرّ أشخاصاً كانوا محايدين في الصراع لاتخاذ مواقف “مبدئية”.

ومع الدفاع “الحيادي” و”المبدئي” عن شياطين النظام، يخرج بعضهم بوجه البراءة والمظلومية، ويشتدّ الشحن المجموعاتي لممثلّي كل قطب. وعلى هذا المنوال تكون اللعبة مفضوحة، فالعونيّون يستفيدون من الهجوم على المصارف لركوب الموجة، والقوّات يستفيدون من استنسابية عون لتبرئة المصرفيّين والظهور كالمدافعين عن حرية التعبير، متاجهلين جرائم المصارف ودورهم المركزي في الأزمة الاقتصادية، كونهم عنصراً أساسياً في النظام الحاكم.

زر الذهاب إلى الأعلى