أن يُخبر لبنانيٌّ عن عشقه للبنان فهو أمرٌ طبيعيّ لأن اللبنانيّين أينما حلّوا في العالم، حملوا معهم ذخائر على شكل ذكريات وصور وأخبار جميلة عن وطنهم الأمّ، ولكن أن تستمع الى شابّة روسيّة تروي قصّة حبِّها الكبير لهذا البلد التي جعلت منه موطنها، فالأمر يستحقُّ مقالاً عنها وعن لُبنانها.
تُعرِّف أنستازيا باخوموفسكايا، 28 عاماً، عن نفسها على صفحتها الشّهيرة Guide.lb على موقع “إنستغرام” بأنّها “شابة روسيّة زارت أكثر من 50 بلداً ولكنّ قلبها في لبنان”، هنا، حيث تعيش مع خطيبها وتكتب بكلّ جرأة وصراحة عن زياراتها وتجاربها في مختلف المطاعم والملاهي والأماكن والمعالم السياحيّة فيه، وتوثِّقها على صفحتها و”البلوغ” الخاصّ بها.
موقع mtv حاور أنستازيا الحائزة على إجازة في الإعلام ودراسات عليا في التّسويق، والتي أطلعتنا على قصّتها مع لبنان التي بدأت عندما أخبرها خطيبها السعودي عنه في وقت كانت تعتقدُ “كغالبية الاوروبيّين وسكان القارّة أنّ لبنان بلدٌ خطير، الى حين زيارته بهدف قضاء إجازة صيفيّة فيه، وبعد تخرّجي من ألمانيا أردنا العيش معاً في البلد نفسه، وطرحنا فكرة الانتقال الى دبي، ولكنّني اقترحت على خطيبي العيش في لبنان وهكذا بدأت حياتي في هذا البلد في الـ2019″، على حدّ قولها.
وتُضيف أنستازيا: “إنتقالنا الى لبنان صادف في أسوأ ظرف في بداية الثورة والأزمة الاقتصادية وانتشار جائحة “كورونا”، وقد راودتني فكرة “البلوغ” في بداية فترة تقلّب سعر الصرف بشكل يوميّ، فقلتُ لنفسي لماذا لا أُخبر الناس عن تجربتي الخاصة في المطاعم والاماكن السياحية واكتب بكلّ صراحة عن رأيي بكلّ تفصيل إيجابي أو سلبي وبالأسعار لكي أكون أشبه بدليل لكلّ من يُريد أن يزور هذه الأمكنة، وهكذا حصل”، مشيرةً الى أنّ “الصفحة بدأت بالانتشار والتوسّع بسرعة هائلة، وهذا ما لم أكن أتوقّعه”.
وتُتابع أنستازيا في معرض حديثها عن كيفية تحوّل صفحتها الى “بيزنيس” ناجح: “تلقّيتُ أوّل دعوة لزيارة مطعم في لبنان عندما كان لدي 6000 متابع فقط، وكتابة تجربتي في هذا المقهى ساهمت في حجزه بالكامل لاحقاً، وعندها تأكدتُ أنّ لصفحتي تأثيراً كبيراً ولو مع عدد قليل من المتابعين نظراً لثقتهم بكل ما أنشره عن تجاربي”.
ولكن لماذا اخترتِ لبنان من بين مختلف البلدان التي قمت بزيارتها؟ تجيبُ الشابّة الروسيّة: “صحيح أنني عشتُ في مدنٍ عديدة حول العالم ولكنني لم أشعر بالانتماء الذي شعرتُ به هنا، وكأنّ لبنان هو بلدي الأمّ”، مُستدركة بالقول: “ربما يعود ذلك للتّقدير الكبير الذي حظيتُ به من قبل اللبنانيّين، أضف الى ذلك عشقي لتراث لبنان وثقافة اللبنانيّين وحبّي للمطبخ اللبناني، ولمناخ وطبيعة هذا البلد، الذي، وبالرغم من صغره، فيه الكثير من الأماكن التي يُمكن استكشافها وزيارتها باستمرار، فصحيح أنه لا أمانَ فيه بشكلٍ تامّ ولكنّه في نظري مثاليّ ولطالما نظرتُ الى الأمور الايجابيّة فيه”.
وبحسب أنستازيا، فإنّ المناطق الأجمل في لبنان هي البترون في الصيف، والبقاع حيث خمّارات النبيذ، وخصوصاً بلدة عمّيق، فضلاً عن بشرّي، وصور، وطرابلس التي فيها الكثير من التاريخ والتراث، أما بيبلوس، فهي محطّة ضرورية لكلّ سائح”.
تعشقُ الشابّة الروسيّة التبولة من بين العديد من الأطباق اللبنانيّة اللذيذة، وتطلبها بشكلٍ دائمٍ، أمّا غالبية متابعيها فهم من المُغتربين اللبنانيّين ومن جنسيّات أخرى يتصفّحون موقعها للتعرّف الى الوجه الجميل للبنان، كما تقول.
كيف تصفين لبنان بكلمةٍ واحدة؟ تُجيب: “مُمتعٌ”، لأنه لا يُمكن أن نشعر بالملل في هذا البلد على مختلف الأصعدة، ولأنّ اللبنانيّين يعشقون الحياة ويستمتعون بوقتهم بالرغم من كلّ ما يحصل. وتختُم بالقول: “لبنان حيّ بالرغم من كلّ ما يحصل وينبض بالحبّ والحياة”.