قنبلة النزوح الموقوتة تقترب من لحظة الانفجار!‏

قليلة جدا هي الملفات التي تلتقي حولها الموالاة والمعارضة في لبنان، باستثناء تلك المتصلة بالوضع الاجتماعي وبيع اللبنانيين وعودا لا تجد من يترجمها. بين القلة القليلة، تتقاطع المواقف المطالبة باعادة النازحين السوريين الى بلادهم بعدما عمّ الاستقرار معظم اراضيها ولم يعد من عراقيل تحول دون فتح ابواب العودة امامهم، باستثناء خوف بعض معارضي النظام من معاقبتهم في ما لو عادوا، الا ان لهؤلاء حلولا يتعامى عنها من يصرون على ابقائهم في لبنان، ليس اقلها نقلهم الى مناطق ما زالت تسيطر عليها المعارضة او حيث تواجد القوات الاميركية او قوى التحالف.

لا تقتصر معضلة بقاء السوريين في لبنان على الثقل الاقتصادي الضاغط في بلد منهار ودولة عاجزة تقترب من الافلاس ومنظومة تمعن في نهب ثروات البلاد وتمعن في عقد صفقات لمكاسب خاصة على غرار ما حصل في “فضيحة” تلزيم مبنى المسافرين في المطار، علما ان كلفة النزوح على اقتصاد لبنان هي أكثر من 3 مليار دولار سنوياً، انما يترتب على هذا الواقع خطر ديموغرافي تضاف اليه اشكالية نشوء كتلة بشرية من الاطفال السوريين المولودين في لبنان غير مزودين بهوية وطنهم الام بسبب عدم تسجيلهم بحسب الاصول في وزارة الداخلية اللبنانية، وتحديدا في دائرة الاجانب المنوط بها نقل ملفاتهم الى وزارة الخارجية والمغتربين التي تقوم بدورها لاحقا مع الدولة السورية. وقد ناهز عدد الولادات منذ بداية الحرب السورية اكثر من 190 الف مولود سوري بحسب احصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية، علما ان هذه النسبة تتفوق باشواط على نسب ولادات اللبنانيين.

ومع بلوغ نسبة النازحين المسجلين حاليا نحو 31 في المئة ، يعود الملف الى الضوء بقوة بعدما اثاره اخيرا محافظ بعلبك -الهرمل بشير خضر، حينما أشار في مقطع فيديو مصور، إلى أن راتبه أقل مما يحصل عليه اللاجئ السوري، رغم أنه في أعلى وظيفة إدارية في الدولة، ودعمه في ذلك، الكشف عن مسح أجراه اتحاد بلديات منطقة دير الأحمر الذي يضم 9 بلديات و5 قرى، وشمل عيّنة هي عبارة عن 655 خيمة بلغ عدد النازحين فيها 3728 نازحاً، أظهر تزايداً كبيراً في عدد الولادات لدى النازحين، وتبين أن 48% من هؤلاء هم ما دون الـ 15 عاما، مع العلم أن معدل أعمار النازحين الذين يقدمون على الزواج تتراوح بين 15 و19 عاما. ارقام مخيفة تنذر بكارثة سكانية ان لم يتم وضع حد لها سريعا، بحسب ما يؤكد مطلعون على الوضع ميدانيا في المنطقة.

ليس الكلام من منطلق عنصري، تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، كما يسارع البعض الى تصنيفه، ونسبة كبيرة من السوريين ربما غير راضية ولا سعيدة بطريقة عيشها في لبنان داخل خيم لا تقيها برد الشتاء ولا حرارة الصيف في بلد منهار، خلافا لواقع حال مواطنيهم في سائر دول الجوار كالاردن وتركيا مثلا، ومعظمهم ربما يتمنى العودة الى ارضه ومنزله، الا ان قدرة لبنان على تحمل تنامي هذه الكتلة البشرية “الدخيلة” في شكل سريع جدا نفدت، ومن صُنفوا حينما دخلوا لبنان منذ 12 عاما بالقنبلة الموقوتة، يقربون لبنان من لحظة الانفجار، اذا ما استمر وضعهم من دون حل، علما ان حديث المنظمات الانسانية عن مغادرة بعضهم الى عدد من الدول التي تستضيفهم لا سيما اوستراليا وعدد من دول اوروبا واميركا اللاتينية، لا يحل المشكلة ولا يخفف من وطأة الخطر ما دام عدد هؤلاء سنويا لا يتجاوز الثلاثة الاف نازح، ذلك ان مقارنة ارقام الولادات بالموجودين والمغادرين تظهر فرقا شاسعاً، كما ان النظام السوري لا يبدي اي تجاوب مع مطالب لبنان والقوى السياسية فيه على تنوعها بما فيها تلك الموالية له ازاء اعادة مواطنيه، على رغم كثرة الوفود والمطالب التي طرحت ابان الزيارات المتكررة الى سوريا. اضف الى كل ذلك ان الاتصالات بين السلطة السياسية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تقدم قيد انملة في اتجاه ازاحة عبء النزوح عن كاهل لبنان، ما دامت تخضع لرغبات الدول المانحة.

عودة النازحين شأن لا بد من تنفيذه في اقسى سرعة ، بعدما تحمل لبنان اثقالا هائلة بفعل وجودهم فيه طوال 12 عاما، والحديث عن عنصرية او غير ذلك لا ينطبق على واقع الحال اللبناني، ذلك ان الانفجار ان حصل، لن يوفر لبنانيا ولا سورياً وشظاياه ستطال الجميع…تختم المصادر.

Exit mobile version