لا اتصالات ولا إنترنت قريباً.. وإن ارتفعت الأسعار

ضاق صدر وزارة الاتصالات بالإيرادات المنخفضة التي تحققها باحتساب الفواتير بالسعر الرسمي 1500 ليرة، فيما الأكلاف المقسّمة بين شراء الانترنت من الخارج والصيانة، تُحتَسَب بالدولار. فكان الحل باللجوء إلى مجلس الوزراء الذي شرّع زيادة أسعار الانترنت والاتصالات بمعدّل “ضعفين ونصف الضعف”، حسب وزير الاتصالات جوني القرم، الذي حذّر من “خطر توقّف خدمات الاتصالات في ظل وقف الدعم للقطاع وعدم تعديل التسعيرة”. على أن مفاعيل هذا القرار لا تنحصر برفع التسعيرة.

الدولرة مؤكدة منذ عامين

مع بداية العام 2020، كشفت “المدن” عن تداعيات عجز الدولة عن تأمين الدولار لتغطية نفقات خدماتها، وتحديداً الانترنت والاتصالات التي تقدّمها هيئة أوجيرو. فمع تسارع انحدار الاقتصاد وسعر الليرة، في نهاية العام 2019، لم تستطع الهيئة رفد الخزينة بالقيمة الموازية لسعر الدولار المطلوب، فبدأت تتراجع عمليات الصيانة وتركيب خطوط الهاتف للمشتركين.

ومع نهاية العام 2021، أصبحت الدولرة أمراً واقعاً. وقد سبقت الشركات الخاصة هيئة أوجيرو إلى رفع فواتيرها تدريجياً واحتساب سعر الدولار 3900 ليرة. على أن التمهيد وصل إلى مرحلة اتخاذ قرارات جذرية برفع الأسعار بمعدّلات أعلى، ودخلت الدولة على هذا الخط، ما يعني بدء الدولرة، وإن اختلف سعر الصرف المعتمد، مقارنة مع سعر السوق.

إعلان وزير الاتصالات، وإن كان يشمل خدمات هيئة أوجيرو، فإنه يجهّز الأرضية لتشريعٍ غير مباشر لرفع تسعيرة شركات الانترنت الخاصة وشركتيّ تاتش وألفا اللتين حوَّلتا أرصدة المشتركين من الدولار إلى الليرة، تحضيراً لتغيير التسعيرة لاحقاً. فقرار رفع أسعار الشركتين ينتظر ردّ مجلس شورى الدولة.

زيادة بلا اعتراض

“لا بد من إعادة النظر بتسعيرة الاتصالات والإنترنت بأسرع وقت”. هكذا حسم القرم الأمر. وبناءً على الضعفين ونصف الضعف، يصبح على المشترك الذي كان يدفع فاتورة بقيمة 100 ألف ليرة شهرياً، أن يدفع 250 ألف ليرة.

وإن كانت أسعار خدمات شركتيّ الخليوي لم تتّضح بعد، إلا أنها لن تقل عن معدّل 2.5 بالمئة، حسب ما تقوله مصادر متابعة للملف. أما شركات الانترنت الخاصة فتتّجه لرفع أسعارها نحو 60 بالمئة، وعلى الموزّعين تقسيم هذه الزيادة على فواتير مشتركيهم.

الزيادات المنتظرة لن تجد مَن يعترض عليها في الشارع، على عكس ما حصل في العام 2019 مع قرار فرض رسم 6 دولار على اتصالات الواتساب، والتي اعتُبِرَت الشرارة النهائية التي أشعلت تحركات 17 تشرين الأول. ويحسم القرم عدم التحرّك لأن “الوضع مختلف كلياً اليوم”، وهذا صحيح تماماً، فمن ناحية أولى، زاد الضغط المادي على الناس وباتت منشغلة كلياً بالبحث عن مردود مالي، ومن ناحية ثانية، لا يريد أي طرف سياسي استعمال الشارع على أبواب الانتخابات. وتحت هذين العنوانين، يمكن إدراج الكثير من المعوّقات الفرعية من دون التعويل على أي قوى معارضة منظّمة، سواء جمعيات أهلية أو أحزاب يسارية اعتادت إشعال الشارع.

إطفاء السنترالات

حالة الاعتراض الوحيدة التي يمكنها تسجيل موقف ضد زيادة الأسعار، ستنطلق من داخل أوجيرو. والاعتراض ليس على مبدا الزيادة بحد ذاته، لما فيه من تحقيق لإيرادات مطلوبة لضمان استمرار المرفق، بل لكونه يأتي على حساب الموظفين الذين ما زالت رواتبهم تحتسب على السعر الرسمي. فالدولة، وفق مصادر في هيئة أوجيرو “تريد تصحيح وضع القطاع دون أوضاع موظفيه الذين لم يقبضوا بعد المساعدات الاجتماعية المقرّة. ولذلك، سيتّجه الموظّفون قريباً، إلى إطفاء السنترالات وعدم تزويد مولّدات الكهرباء بالمازوت. وإذا كانت الدولة ستقرر فتح السنترالات وتشغيلها بالقوة مستعينة بالقوى الأمنية، فليكن ذلك، لكن الموظفين لن يتابعوا عملهم إلى حين تصحيح أوضاعهم”.

لجوء الموظفين إلى الإضراب سيعني انقطاع الاتصالات والانترنت، في المناطق التي تشهد في الأصل رداءة في الخدمة وانقطاعات متكرّرة. ولذلك قد يدفع المواطن فواتير مرتفعة بلا خدمات. والدولة في هذه الحالة هي الخصم والحكم، فمجلس الوزراء هو مَن سيغطّي رفع التكاليف، والقوى السياسية تحصّن الشارع من التحركات الاعتراضية المؤثّرة، ما خلا بعض التحركات الرمزية التي يمكن أن تشهدها المناطق لفترة وجيزة.

Exit mobile version