لا تتسرعوا في الخلاصات… الرحلة الانتخابية في مطالعها

غداة الجولة الأولى من انتخابات المغتربين في تسع دول عربيّة وإيران، والتي ستليها غداً الأحد الجولة الثانية في سائر الدول، حيث للانتشار اللبناني وجودٌ، يبدو من ضروب الاستعجال اتّخاذ المعالم الأوّليّة للجولة الأولى نموذجاً للقياس عليه في استشراف معالم الاستحقاق الانتخابي كلها؛ ذلك أنّ مجموع النّاخبين في الدول العشر يوم الجمعة الماضي بلغ حدود الـ17500 ناخب، فشكّل نسبة 59 في المئة من مجموع المسجّلين للانتخابات. وكان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب أعلن في بداية اليوم الانتخابي في هذه الدول توقّعه أن تتجاوز نسبة المقترعين الـ70 في المئة. لكن النسبة لم تتجاوز الـ60 في المئة. هذا التطوّر لم يكن سيّئاً إلى درجة الصدمة، لكنّه لا يُعدّ اختراقاً إذ إن نسبة المشاركة لم تختلف كثيراً عن الدورة السابقة قبل أربع سنوات، في الحين الذي أوحت في ظروف التّحشيد النفسيّ والمعنويّ، بالإضافة إلى الوضع الذي عاشه المغتربون في معاينة الانهيار في البلد الأم، بأن تخرج النسب عن الإطار التقليديّ لتشكّل أوّل علامة فارقة بواسطة النسبة المرتفعة الاستثنائيّة. هذا الأمر رافقته علامة لافتة أخرى تمثّلت بثبوت تدنّي المشاركة السنيّة في أقلام تابعة لبيروت الثانية وصيدا وطرابلس في انتخابات المغتربين في السعودية، وهو أمر لا بدّ من التوقّف عنده كمؤشّر لا كمقياس حاسم ثابت إلى الدورة اللاحقة غداً في سائر الدول الأخرى، ولا في انتخابات البلد الأم في الخامس عشر من أيار، ممّا يعني أنّ ثمّة خطورة مزدوجة في الاستهانة بالمقاطعة السنية كما في استعجال اعتبار الدورة الاغترابية الأولى قاعدة ستنسحب على الحلقات المنتظرة.

أمّا الانطباع الثالث المتأتي عن الدورة الاغترابية الأولى فهو يتّصل بإجراءات العملية الانتخابية، التي كانت في العموم جيّدة، ووفّرت المناخ المطلوب ضمن الحدود المعقولة لسلامة الانتخابات من الانتهاكات حتى الآن. ولكن المقياس الأهمّ سيكون غداً في سائر الدول، لأنّها بالعشرات، وفي مناطق تختلف بطبيعتها وجغرافيّتها وانتشار اللبنانيّين فيها عن معظم الدول التي جرت فيها الدورة الأولى. وتبعاً لما سيُفضي إليه الفصل الاغترابي الثاني سيكون ممكناً استخلاص الصورة العامة لتأثير نتائج انتخابات المغتربين بمجملها على الانتخابات المركزيّة في لبنان في الـ15 من أيار. ولكن لن يكون ذلك متاحاً بسرعة، لأن نتائج المشاركة والنسب المتنوّعة وسواها من الخلاصات لن تتوافر إلا في ساعات متقدّمة من فجر الإثنين أو خلال النّهار، نظراً إلى تفاوت التوقيت بين القارات بما لن يمكن معه معرفة هذه النسب في كلّ الدول ليل الأحد بل ربّما في بعضها أو أكثرها. وتبعاً لذلك، تبدأ قراءة الأثر الذي سيتركه الصّوت الاغترابيّ على معالم المعركة الكبرى على الأرض الانتخابية المقيمة.

Exit mobile version