لبنان المغترب صوّت للتغيير.. فهل يتلقّف المقيّمون كرة الإنقاذ؟

على أهمية النتائج التي ستفرزها صناديق اقتراع الانتشار التي أُقفل آخرها اليوم، ليُفتح اسبوع انتخابات الداخل بحماوته المرتفعة، نتيجة وحيدة لا بدّ من التوقف عندها والتمعن في أبعادها، نقمة المغتربين على المنظومة الحاكمة ومدى حماسهم لتغيير يرون فيه أملا وحيدا لعودتهم الى لبنان بعدما هجّرتهم قوى الامر الواقع والسلطة القاتلة الفاشلة.

ولئن كان الرهان على حصيلة اصوات التغييريين لقلب المعادلة وحصد الغالبية المطلقة في المجلس النيابي غير صائب بالاجمال، ما دامت القوى المنادية بالتغيير غير مجتمعة في لوائح واحدة منظمة، لا بل متضادة في بعض الدوائر تخوض مواجهات في ما بينها، بيد ان ثمة لوائح جدية قادرة وفق الاحصاءات على الخرق وتأمين الحواصل في اكثر من منطقة، علما ان التغيير ليس حزبا شموليا منظما وطبيعي التعدد في النظام الديمقراطي، إن في اللوائح او في كثرة المرشحين.

تقول أوساط دبلوماسية تراقب عن كثب الوضع اللبناني لـ”المركزية” إن ما يروجه بعض الاحزاب في السلطة او خارجها عن انعدام فرص نجاح مرشحي الثورة والتغيير الحقيقيين، لهو خطأ متعمد ومقصود لخفض حماس المقترعين وجمهور الثورة الذي ناضل وملأ الساحات في ثورة 17 تشرين والايحاء بأن حظوظ وصول اي من قادتها معدوم ، الا ان ما اظهره يوم امس من رغبة جامحة لدى معظم المقترعين في بعض الدول الاوروبية، لا سيما فرنسا والامارات، عكس بوضوح التوجه هذا والتركيز على وجوب اطاحة السلطة والاحزاب وكل من شارك في الحكم خلال السنوات الاخيرة، وهو شأن يمكن التعويل عليه لتوقع صبّ كم من الاصوات لمصلحة لوائح التغيير الحقيقية، بالفعل لا بالشعارات الجوفاء الممجوجة. وتوضح ان ما عاينه اللبنانيون في الداخل عبر شاشات التلفزة وما سمعوه من اراء مواطنيهم المشتتين في بقاع الارض بفعل ممارسات المنظومة المجرمة التي قتلت وهجّرت وافقرت الشعب ولا زالت، من دون رادع تمارس تسلطها على من تبقى منهم في لبنان، يفترض ان يعزز ثقتهم بقوى التغيير لتصب اصوات الاحرار منهم ، الخارجين من فلك الهيمنة والتزلم لمنافع خاصة، لمصلحة لوائح ومرشحي الثورة، خصوصا من قدموا برامج مشجعة ويملكون رؤية وقدرة تغييرية ، من غير المصابين بلوثة الحكم، على غرار الاحزاب التي شاركت في السلطة.

يوم 15 ايار، تضيف الاوساط، يقتضي الواجب على كل لبناني يعاني الذل والفقر والجوع ان يعي هذا الواقع، فيلاقي جرأة وعزم اخوانه في الاغتراب، وقد تحدى بعضهم ممارسات المنظومة لعرقلة تصويتهم وانتقل من مناطق بعيدة الى مراكز الاقتراع رغم الظروف المناخية الصعبة، فيضم صوته الى صوتهم ويفتح باب الخلاص الوحيد لانتشال لبنان من قعر جهنم التي اسقطوه فيها من دون خجل. اما الانكفاء والمقاطعة واعتبار ان التغيير مستحيل، فهو جريمة في حق الوطن، علما ان القوى التي تسببت بسقوط لبنان تبذل الغالي والنفيس وصولا الى التكليف الشرعي بالاقتراع للوائحها والتهديد والوعيد والاعتداء الجسدي، ضاربة عرض الحائط حرية القرار والنظام الديمقراطي ومقتضياته.

المغتربون حاكموا المنظومة امس، عصفوا رياح التغيير، اصطفوا في الطوابير رفعوا الصوت عاليا في وجه المنظومة، ورموا كرة الواجب الوطني الى المقيمين، فهل يتلقفونها وينقذوا لبنان من المصير الاسود؟ الجواب رهن الاحد الكبير.

زر الذهاب إلى الأعلى