لوفيغارو: هكذا يتصدى ألفا جندي أوكراني للروس بمصنع تحت الأرض في ماريوبول

بعد انسحابهم منذ عدة أيام عبر ممرات تحت الأرض لهذا المجمع الصناعي الضخم في ماريوبول دفع مقاتلو المقاومة الأوكرانية الروس إلى استبعاد الهجوم وبدء حصار لفترة لم تحددها الصحيفة.

هذا ما يراه الكاتب في صحيفة لوفيغارو الفرنسية هيوغ مايو في تقرير له عن الموضوع، قائلا إن آخر القوات المشاركة في حماية ماريوبول منذ منتصف أبريل/نيسان الحالي تراجعت إلى مصنع آزوفستال، وهو مجمع فولاذي ضخم تبلغ مساحته أكثر من 10 كيلومترات مربعة أقيم في عام 1933 على شواطئ بحر آزوف، وهو ينتج الحديد والصلب بفضل أفران فحم الكوك العملاقة الموجودة فيه.

ومنذ عدة أيام أصبح هذا المصنع معقلا للجنود الأوكرانيين ضد تقدم الجيش الروسي في ماريوبول.

وفي الوقت الذي يبدو فيه أن قوات الكرملين قد استولت على بقية المدينة المحاصرة منذ أوائل مارس/آذار الماضي فإنها تواجه الآن مقاومة شرسة حول المجمع.

ونظرا لهذه المقاومة الضارية أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمرا مباشرا لقواته بإلغاء الهجوم الذي كان متوقعا، قائلا “يجب أن نفكر في حياة وصحة جنودنا وضباطنا، ويجب ألا ندخل سراديب الموت تلك ونضطر للزحف تحت الأرض”.

لكن بوتين أصدر أوامره لقواته بإغلاق “هذه المنطقة بأكملها حتى لا تستطيع ذبابة أن تمر”، فتضاريس المكان -وفقا للصحيفة- تعقد مهمة المهاجمين بشكل كبير، فإذا كان الروس قد قصفوا هذا المواقع بغزارة واقتصروا في ذلك على استخدام الضربات البرية والجوية والبحرية (من بحر آزوف) فلا يتوقع أن تتمكن مدفعيتهم من تحقيق أي حسم للمعركة في ظل المساحات المترامية الأطراف تحت الأرض التي لجأ إليها آخر الجنود الأوكرانيين.

ويصف الكاتب المنطقة الصناعية المذكورة بأنها مدينة تحت المدينة، وهناك عدة مستويات تحت الأرض تعود إلى الحقبة السوفياتية.

ويؤكد إدوارد باسورين ممثل القوات الانفصالية الموالية لروسيا في دونيتسك أن القصف من أعلى لن تكون له جدوى، ومن الضروري سحق من هم تحت الأرض، معترفا بأن “الأمر سيستغرق وقتا”.

وتشير عدة مصادر -وفقا للكاتب- إلى أنه في هذه المنطقة أكثر من 20 كيلومترا من الممرات تحت الأرض، والتي يصل عمقها أحيانا إلى 30 مترا، وهي مؤمّنة بأبواب فولاذية ومدعومة بجدران خرسانية لدرجة أن هجوما نوويا لن يدمر المكان، وفقا لما ذكره يان جاجين المستشار الروسي في منطقة دونيتسك.

وقد أكد المحلل في معهد القدس للأمن والإستراتيجية ألكسندر غرينبيرغ لوكالة الصحافة الفرنسية أنه يمكن للقوات الروسية أن تدخل الأنفاق، لكنها إن فعلت ذلك فستسحق، لأن المدافعين عن الأنفاق لديهم ميزة تكتيكية مطلقة، إذ إن هذا النوع من المناطق يعطي مجالا للدفاع.

وهذه الميزة تفرض نوعا من التوازن في القوى، فوفقا للسلطات الأوكرانية والروسية يتحصن حوالي ألفي مقاتل أوكراني حاليا في آزوفستال.

في المقابل، صرح نائب أوكراني مؤخرا بأن 14 ألف جندي روسي يحاصرون المصنع، وهو ما لم تنفه أو تؤكده السلطات الروسية.

وقد اختار الروس خيار الصبر ومحاصرة المجمع من أجل تجويع من بداخله، ولكن من الواضح -وفقا للصحيفة- أن هناك مخزونا من الذخيرة والمواد الغذائية لدى المدافعين عن ماريوبول، كما أن ثمة تخطيطا حقيقيا بخصوص الطريقة التي يجب أن يتم بها حفظ المؤن.

وقالت غالينا ياتسورا المتحدثة باسم “ميتنفيست” -وهي الشركة المالكة للمصنع- لصحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) إن الأوكرانيين حافظوا منذ الغزو الأول على المخابئ في حالة جيدة ومجهزة بالطعام والماء، مضيفة أن الأنفاق يمكن أن تستوعب ما يصل إلى 4 آلاف شخص، ولديها إمدادات كافية لتحمل حصار لمدة 3 أسابيع.

لكن فترة تحمل الحصار آخذة في النفاد، وقد ذكر جنود متمركزون داخل مصنع آزوفستال لنيويورك تايمز أن الخروج من تحت الأرض لإحضار الإمدادات من الخارج أصبح شبه مستحيل بسبب القصف المكثف.

وقد ذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه بالإضافة إلى الجنود هناك “حوالي ألف من المدنيين -بمن فيهم أطفال- إضافة إلى مئات الجرحى حاليا في مجمع الصلب المذكور”.

ا

Exit mobile version