ماذا قدم الإسلام السياسي لنا؟!
ولأكون منصفّا وموضوعيًّا، لقد تمكن الحزب الشيوعي خلال أقل من قرن من تعليم ما يزيد عن ٥٠ في المئة من أبناء الفقراء في التخصصات الجامعية على مستوى العالم.
فنهض بفيتنام والصين وكوريا الشمالية ودول الاتحاد السوفيتي وكثير من شعوب المنطقة الذين تأثروا بتجربته.
ونادرة هي البيوت الفقيرة التي لم يدخلها كتاب أنتجته فترة الحكم الشيوعية التي امتدت من ألمانيا الشرقية إلى حدود الهند.
وكذلك فعلت الأحزاب القومية العربية رغم كل دكتاتوريةالأنظمة التي أوصلتها إلى الحكم.
فعلم البعث في العراق مئات الآلاف من الطلاب العرب وغير العرب حتى حقق صفر أمية، وكذلك حصل في اليمن، وليبيا ومصر عبدالناصر وسوريا حافظ الأسد رغم كرهي الشديد له.
فرأينا الطبيب والمهندس والمخرج والرسام والموسيقي والمغني.. الذي فتح عيادته أو مكتبه أو عمله في حيه أو محلته والتزم قضايا أهله وبلده ومجتمعه.
فماذا قدم الإخوان المسلمون في مصر وسوريا والأردن واليمن وتونس والمغرب ولبنان لوطنهم؟! وماذا قدمت القاعدة؟! وماذا يقدم الحوثيون لليمنيين؟! وكذلك الحزب للبنان؟!
هذه الأحزاب تقدم شبابًا مشوهًا فكريًّا.
تقدم أجيالًا مدججة باستعداء الآخر، وانتظاره عند أول فرصة للانقضاض عليه.
تقدم مجتمعات منغلقة تلفظ الجمال وتقصيه.
فانتشرت بسبب هذه الأحزاب والجماعات الطائفية، وعادت الأمية بشكل مرعب. فلا أحد يمكنه أن يتخيل أرقام الأطفال الذين أفرزهم الواقع الجديد في كل من العراق واليمن وسوريا ولبنان بلا تعليم وبلا مدارس وبلا مآوي وبلا دواء.
أطفال يصدمهم واقع الحال الذي قتل أباءهم، ودمر موارد رزقهم، ولم يترك لهم بابا يطل إلا على السلاح والطّائفية والموت والقتل والكراهية والحقد.
ففر من تجرأ على الفرار إلى خارج وطنه، وبقي من عجز ضحية لما يحصل.
لقد قدمت الأحزاب العلمانية في الوطن العربي على الرغم من قبح تجربتها في الحكم أعدادًا لا يستهان بها من الكتاب والمبدعين الذين تربعوا على عرش الكلمة والأغنية والموسيقا واللون في العراق وسوريا ولبنان واليمن وتونس ومصر وغيرها، بدءًا من الشاعر اليمني البردوني مرورًا بالنواب في العراق والماغوط في سوريا ويوسف زيدان وأم كلثوم في مصر، إلى موسى شعيب وعمر شبلي في لبنان، وانتهاءً ب المنصف المرزقي وشكري بالعادي في تونس.
فأين هم شعراء وكبار المبدعين في أحزاب الإسلام السياسي؟!
لم نسمع بغير الندابين وقراء المجالس وخطباء التحريض وسياسي الفتنة والتدمير.
لم نر لوحة فنية ولا منحوتة ولا قصيدة ولا أغنية ولا فيلمًا ولا نصًّا إبداعيًا واحدًا يبشر بالأمل الذي قد ينبعث من مشاريع هذه الأحزاب وفي كل الدول التي عملت فيها.
منذ قرابة العقدين ونحن نجمع من خلفهم في الشوارع والساحات أشلاء الجثث، وشاش وبقايا معقمات الجراح، وقفازات الممرضين الذين لم يتخلوا عن أهلهم وشظايا المتفجرات والقذائف والطلقات، ونطفىء ما تسببوا به من حرائقون دون جدوى.
وإلى اليوم، إلى اليوم لم يفهموا أننا مجتمعات لا تريد الإسلام السياسي.
ولا نريد ربًّا يكرهنا على عبادته، ولا نريد الانفصال عن العالم وعن البشرية.
فلم هذا الإصرار على تحميلنا وتحميل كوكب الأرض ما لا نطيقه منهم؟
إلى اليوم لم ألق لسؤالي الذي طرحته منذ أن فجروا تمثال بوذا في أفغانستان جوابًا.
فهل من مجيب؟!