في العام ٢٠١٠، قادتني دورة تدريبية صحافية في الولايات المتحدة الأميركية الى لقاء الصحافي الأميركي والكاتب بوب وودوورد. وهو الصحافي الذي سلّط الضوء على فضيحة “ووترغيت” التي ثبت فيها تجسّس الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون على منافسيه في الحزب الديموقراطي بين العامين ١٩٧٢ و١٩٧٤، وانتهت باستقالة الرئيس الأميركي.
خلال اللقاء الذي ضمّني الى مجموعة صحافيين من حول العالم، قدّم وودوورد ما اعتبرها “وصيته للصحافيين” قائلا “إن على الصحافي أن يبدأ يومه بالسؤال: ماذا يخبّىء هؤلاء السفلة؟”.
ففي الولايات المتحدة، كما في كل أنحاء العالم، يلهي المسؤولون عادة الناس بصغائر الأمور والأزمات المفتعلة، بينما هم يقومون بسياساتهم الكبرى بعيداً عن أعين الناس. لذا، وجب التدقيق ما بين السطور ووراء الكواليس، لكشف النقاب عما هو مخفي. ووجب التفكير مرتين، قبل تكوين وجهة نظر في ما يُسمع او يُشاهد.
فالقليل القليل يتكشّف مما يحاك في الكواليس، على المستويات كافة، السياسية والقضائية والتربوية والاجتماعية والمالية. في ادارات الدولة كما في المجلس النيابي، في مراكز القرار الكبرى، نتعامل مع النتائج، فيما الأسباب هي الأساس. فهناك من تصرّف بشكل خاطىء، عن قصد وتخطيط، أو بغير معرفة، فتسبّب بأزمة طحين، أو بصل، أو انهيار مالي، أو مشكلة بيئية، أو غياب رؤية سياحية، و… ضياع بلد.
من هنا، كم نحتاج الى تكرار سؤال بوب وودوورد يومياً عن “سفلة” يخططون في غرف سوداء أو صالونات سياسية أو مالية أو تجارية… ونعمل على فضحهم إعلامياً وشعبياً، وصولاً الى محكمة الشعب المفترضة في الانتخابات.
قد يبدو المسار هذا شبيهاً بالصراع الأبدي بين الصح والخطأ، بين الخير والشرّ… ولكن، إن لم نفكّر ونفتّش ونقارن ونفضح… ونحاسب، سيستمر “السفلة” بعملهم، وسنكون “نحنا واحد منن” إن اكتفينا بالفرجة.