ما سرّ قوة “القوات اللبنانية”؟

تحاصر معظم القوى السياسية في السلطة “القوات اللبنانية” لعلمها أنها الجهة السياسية الأساسية التي تشكل خطراً على محافظتها للأكثرية النيابية وخصوصاً “الحزب” و”التيار الوطني الحر”، فيصوّبان انتقاداتهما إلى “القوات” بل يشنّان حملات اعلامية مبرمجة عليها، مما يجعلها رأس حربة في مواجهة مشروعهما الذي أدى إلى عزل لبنان عن المجتمع الدولي وقاده إلى الانهيار!

لكن ما سرّ قوة هذه “القوات”؟ أحزاب السلطة تهاجمها خوفاً من أن تستحوذ على تكتل نيابي كبير يعرقل مشروعها من جهة، والقوى التي تسمّي نفسها تغييرية تهاجمها معتبرة انها مجرد طرف في السلطة وشريكة في المنظومة من جهة أخرى.

لكن في الواقع، ليس هناك فريق سياسي يشبه “القوات” في لبنان، ولا نقول هذا الكلام للإطراء ولا للمجاملة، إنما قدّمت “القوات” منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون ومشاركتها في الحكومات أداء اصلاحياً شفافاً ونزيهاً عبر وزراء يتمتعون بالكفاءة والأخلاق، حتى أن الخصوم اعترفوا بذلك في وقت من الأوقات، والرأي العام شاهد على اداء هؤلاء.

وعلى صعيد المجلس النيابي، قدّم نوابها اقتراحات قوانين سبّاقة وضرورية ، مرّ البعض منها ورُفِضَ بعضها الآخر لأسباب سياسية كيدية أو للعرقلة والاستمرار بالفساد!

اشتغلت “القوات” وسط بيئة سياسية “مافيوزية”، وكانت الثورة قبل ثورة 17 تشرين من خلال مطالبتها بحكومة اختصاصيين مستقلة ومكافحة الفساد والامتناع عن التصويت للموازنات المفخخة، واصرّت على وضع حدّ للسلاح غير الشرعي وهيمنة “الحزب” وتدخله في شؤون الدول الأخرى والكفّ عن تعكير علاقات لبنان الخارجية.

ويا للأسف ان التقييم في لبنان للأطراف السياسية غرق بنوع من الغوغائية على طريقة التهجّم على “كلن يعني كلن”، من دون محاسبة حقيقية دقيقة للصالحين وغير الصالحين، وهذا اسوأ ما شهده لبنان منذ أعوام، إذ اطلت مجموعة من الوصوليين الذين يتكلمون بإسم الثورة معتمدين ثقافة الغاء الجميع وفق معادلة “قوم حتى اقعد محلك”.

تلك هي خديعة العصر بعد خديعة التيار العوني، وكأنه كُتِبَ على لبنان أن يعيش الخديعة تلو الأخرى، والحكم على الآخرين من دون معايير علمية والحد الأدنى من الموضوعية.

حتماً ليس جميع من انخرط في المجتمع المدني استدرج إلى الغوغائية، فهناك وجوه مثقفة وواعية وتعرف “الصالح من الطالح”، والرأي العام عموماً بات واعياً ولم يعد يخدعه صراخ البعض وشتائمهم وتهجماتهم الرخيصة و”النق” من دون حلول.

في المقابل، قدّمت “القوات” نموذجاً متقدماً يليق بالوطن اللبناني وحضارة الإنسان واحترمت ذكاء الناس من دون شعبوية، ولسنا مضطرين إلى الكلام المجاني بل استناداً إلى وقائع وأدلة تثبت ما سرّ قوة “القوات” ولماذا أصبحت مرشّحة لاستقطاب أصوات الناخبين عكس بقية قوى المنظومة التي تتخبط من فشل إلى آخر.

وهذ جردة حساب ولو انتقائية وغير شاملة بما حققته “القوات” في ما يأتي:

– اعتمد وزير الاعلام السابق ملحم رياشي آلية الكفاءة لتعيين مدير عام “تلفزيون لبنان” بالتعاون مع مجلس الخدمة المدنية ووزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية.

– قدّم النائبان زياد حواط ووهبة قاطيشا اخبارات قضائية عدة قبل أن يتقدّم تكتل “الجمهورية القوية” بعريضة نيابية في موضوع المعابر غير الشرعية التي استنزفت اقتصادنا.

– اعتمد وزير الشؤون الاجتماعية السابق بيار بو عاصي المعايير العالمية للشفافية لتحديد ومساعدة وزيادة عدد المستفيدين من الأسر الأكثر حاجة بالشراكة مع برنامج البنك الدولي لدعم الأسر الأكثر فقراً.

– كافح وزير العمل السابق كميل ابو سليمان الرشوة والفساد والهدر في الوزارة وأحال جميع المخالفين إلى القضاء المختص.

– تقدّم النائبان جورج عقيص وإدي أبي اللمع باخبار قضائي تضمّن 19 مخالفة حول قضايا فساد متعلقة بالجمارك.

– أنهى وزير الشؤون الإجتماعية السابق بيار بو عاصي عقودلـ653 موظّف بالوزارة توفيراً على الخزينة والمالية العامة.

– عملت وزيرة شؤون التنمية الادارية السابقة مي شدياق على مشروع إعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP)، وأرسلت هذه الاستراتيجية إلى رئاسة مجلس الوزراء لكنها لم تقرّ بسبب استقالة الحكومة!

– زاد وزير الشؤون الاجتماعية السابق ريشار قيومجيان عدد العائلات الأكثر فقراً التي تستفيد من البطاقة الغذائية من 10 آلاف عائلة إلى 15 ألف عائلة وعمل ليصل العدد إلى 45 ألفاً، كما أمّن لها مساعدات مالية موسمية من خلال اليونيسيف.

– أمّن وزير الصحة السابق غسان حاصباني 150 مليون دولار من البنك الدولي لدعم مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات الحكومية والعناية الفائقة.

– أعلن وزير الشؤون الاجتماعية السابق ريشار قيومجيان عن خطة لعودة النازحين السوريين وقدّمها إلى مجلس الوزراء لكن لم تدرج على جدول أعماله أبداً رغم مطالبته المتكررة، كما استكملت بطلب إقامة مناطق آمنة لهم داخل الأراضي السورية وبرعاية أممية.

– وضع وزير العمل السابق كميل بو سليمان خطة تنظيم اليد العاملة غير اللبنانية.

– تقدّم وزير الاعلام السابق ملحم رياشي بمشروع قانون لإلغاء وزارة الاعلام وإنشاء وزارة للحوار بدلاً عنها.

– تقدّم النائب إدي أبي اللمع باقتراح قانون انشاء منطقة اقتصادية في المتن بهدف جذب الاستثمارات وخلق فرص عمل بالمنطقة.

– تقدّم وزراء “القوات اللبنانية” بتاريخ 12 أيار 2019 أي قبل انفجار المرفأ، بسلسلة ملاحظات واقتراحات حول اصلاح ادارة مرفأ بيروت لتعزيز الشفافية وضبط التهريب والكشف على العنابر والحاويات.

– أقام حزب “القوات اللبنانية” في 15 تموز 2019 ورشة عمل لاصلاح قطاع الاتصالات وأصدر توصيات جوهرية تفادياً لوصول قطاع الاتصالات لمصير مشابه لقطاع الطاقة.

– بمبادرة من النائب ستريدا جعجع أمّنت كلفة تشييد وتجهيز مستشفى حكومي في جبة بشري بكلفة 3 ملايين ونصف مليون دولار تقريباً.

– أطلق وزير الصحة غسان حاصباني خلال توليه الوزارة 120 خدمة الكترونية والشباك الموحّد لتسهيل معاملات المواطنين.

– وافق مجلس النواب على اقتراح قانون تكتل “الجمهورية القوية” المتعلق بتشريع زراعة القنب، نظراً لأهميته في استقطاب الاستثمارات الخارجية وتقديم البدائل للمزارعين، وقطع الطريق على الزراعات غير المشروعة.

– صوّت مجلس النواب على قانون آلية التعيينات في المؤسسات والإدارات العامة، الذي اقترحه تكتل “الجمهورية القوية”، بهدف نقل الإدارات العامة من المحسوبيات الى الكفاءة والجدارة، لكن رئيس الجمهورية طعن به حتى بعدما صدّقت عليه الهيئة العامة للمجلس، وسقط بضربة المجلس الدستوري.

– وافق المجلس النيابي على اقتراحي “الجمهورية القوية”، التمديد لكهرباء زحلة سنتين إضافيتين، وقانون رفع السرية المصرفية، لتسهيل عمل التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان والإدارات والمؤسسات العامة.

– تقدم النائب أنطوان حبشي بإخبار أمام القضاء يتعلق بملفات فساد في وزارة الطاقة، وبطلب لاستجواب وزير الطاقة أمام المجلس النيابي تمهيدا لطرح الثقة به.

هذا غيض من فيض انجازات “القوات اللبنانية” على صعيد العمل الوزاري والنيابي، وبالتالي هذا الانجازات ترد على كل التساؤلات عن مصدر قوة “القوات”، وعلى الأقل هي لم تخجل بدفاع أهالي عين الرمانة عن أنفسهم خلال غزوة “الحزب” لها، بل كانت الوحيدة التي وقفت إلى جانبهم ودافعت عنهم بجرأة سياسياً وقضائياً. هل يا ترى لا يزال استقطاب “القوات” للناخبين في الداخل والخارج مستغرباً؟ الجواب سيكون واضحاً في 15 أيار المقبل يوم الاستحقاق الكبير!

زر الذهاب إلى الأعلى