معاني الصّورة
الصّورة في الزّمن الطّبيعي ليست كالصّورة في الزّمن الضّاغط الخّانق.
والصّورة من حيث محتواها الدّلالي ليست كأيّ صورة تخلو من الدّلالات.
في الزّمن الّذي نحن فيه، تكون صورة القائد محرّكًا، وممثّلًا علنيًا عن كثير من حاجات الجماهير النّفسية ومكنوناتها.
وصورة بشير الجميّل ليست كأيّ صورة ولا أبالغ إن قلت: وفي معظم الأزمان.
فقد ظلّت هذه الصّورة شاهدًا على الأمل اللّبناني عامّة والمسيحيّ خاصّة، وفي أحلك الأوقات وأظلمها.
لا بل كانت هذه الصّورة بالنّسبة لكثير من اللّبنانيين، الّذين كانوا يعيشون تحت ضغط الاحتلال الشّرقي نافذة، تدخل منها أنفاس الوطن السّري إلى رئة كل التّواقين إلى لبنان خاصّة أولئك الّذين نظروا إليها خلسة لئلّا تجلد ظهورهم.
كانت صور بشير صورة رئيس الدّولة المغتالة المغتصبة المسلوبة.
وكانت عيناه فيها شباك الأمل الّذي لم يفقده اللّبنانيون مهما نأت بهم المسافات.
غبيّ وأحمق من يعتقد أنّ بإمكانه اغتيال الأمل، أو خنقه أو سجنه، وإن بإقصاء صورة.
فالثّورة في أهل الأرض تتّخذ إلى جانب الصّراخ والتّمرد والهتاف والموت، تتخذ شكل الصّورة الّتي ألفها الثّوار في مواقعها الّتي تشكل أهم ما تبقى من أوتاد وطنهم الّذي يثورون لأجله.
لأنّها رحم يولد الأمل مهما ندر.
شكرًا لمن جرّب المساس بصورة بشير الجميل، لأنّه بفعلته مسّ جراح كلّ السّاكتين، وأيقظ الرّئيس النّائم في كلّ محبيه، وأكّد على أنّ مكان الصّورة أرض لبنانية لبنانية، وأن تلك الصّورة نواة الدّولة والوطن.
شكرًا لكلّ الّذين ذكّرونا بأنّ تعدّياتهم على ثقافتنا لن تنجح، ولن تنال من حرف مما نؤمن به.
وشكرا لكلّ الأيادي التي ثبتت بشير الجميل كشباك ضوء يزعج أعين المتعامين عن الدّولة التي يمثلها هو وكل شهيد لأجل لبنان.
ثقافتنا ليست كثقافة الصّين الّتي تمكن ماو من طمسها بالقوة.
ثقافتنا مرتبطة ببقائنا أو زوالنا.
وقد حاول كثير من الاحتلالات السّابقة نزعها منّا، غير أن جدراننا ظلّت أصلب وأثبت من فعل المدافع، وأرسخ من خنادقهم الّتي زالت.
فصورة بشير الجميّل هي صورة اللّبناني الّذي نتمسك به، وصورة الوطن الّذي نؤمن به، وصورة الّرئيس الذي ننتظر ندًا له.
لذا الصّورة ليست مجرّد ملصق على جدار، بل هي أعمق وأوسع وأعلى وأبعد ممّا يظن الواهمون بكثير.
بشير منا ولنا وحي فينا.