مكافحة الفساد… لا مكافأته
لبنان بحاجة فعلاً لتطبيق الشعارات المرفوعة من جميع القوى والأحزاب على ضفتَي العنوان السياسي الذي يفرز تلك القوى بين محورين، الأول تتصدّره القوات اللبنانية والثاني يقوده “الحزب” والصراع بين المحورين يشمل كافة العناوين والتفاصيل فيما يشهد كل محور صراعات حول التفاصيل والأحجام وهذه تفصل بها نتائج الإنتخابات فيأخذ كل طرف حجمه ودوره وتنتهي الحملات داخل المحور الواحد لتنتقل العلاقة إلى التعاون بين وجهات النظر المتقاربة ويزول الخطاب المتشنج الذي يعتمده معظم الأطراف ضد القوات اللبنانية التي تحرص على عدم الإنزلاق على المستوى الحزبي الرسمي إلى صراعات داخلية وحصر معركتها ضد “الحزب” والتيار الوطني الحر.
لا يؤمن البعض بالشعارات الكبرى المطروحة ولا يثق بإمكانية تحقيقها رغم أحقيتها واعتراف الجميع بأن فساد التيار وسلاح الحزب هما العقبة الأساسية في وجه قيام الدولة، ولا مانع من تجاوز تلك الشعارات الكبرى والتركيز على الشؤون الصغرى للإنخراط بقوة في المعركة الإنتخابية الإصلاحية وتغيير نهج الحكم القائم على الزبائنية واستهلاك موارد الدولة في خدمة أطراف السلطة تارة تحت ستار حقوق الطوائف وطوراً تحت ذريعة المقاومة، وهذا يوجب على الجميع العمل على مكافحة الفساد لا مكافأته سواء بالتصويت لصالح التيار والحزب أو المقاطعة لصالحهما من منطلق أنه عندما يصمت أهل الحق يظن الباطل أنه على حق.
يكفي ذكر بعض الأمثلة حول الممارسات التي أنهكت خزينة الدولة والتي لا علاقة لها بموازين القوى الدولية والإقليمية ومكافحتها لا تتطلب أكثر من التصويت وفقاً لمبدأ الثواب والعقاب لإيصال كتلة نيابية إصلاحية قادرة على المحاسبة وطرح الثقة وإقالة الفاسدين ولعل المثل الأبرز تمثله وزارة الطاقة التي قدمت أربع خطط لمعالجة أزمة الكهرباء من دون أن تنجح إلا في التوظيفات العشوائية والنفقات التنفيعية ومراكمة الدين العام، فنزع وزارة الطاقة من يد التيار الوطني الحر كفيل بإعادة التيار الكهربائي خلال فترة وجيزة وتعيين الهيئة الناظمة وتعزيز دور دائرة المناقصات في عقد الصفقات.
وما يسري على وزارة الطاقة ينطبق على سائر الوزارات والإدارات والمؤسسات من خلال تعزيز دور القضاء وإطلاق آلية التعيينات وترشيق الإدارة وترشيد الإنفاق وعندها تستعيد الدولة ثقة المجتمعات التي ترغب بمساعدة لبنان للنهوض من أزمته، أما على الصعيد السياسي، فيكفي تشكيل حكومة شبيهة بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي استمرت بأداء مهامها على الرغم من استقالة الثنائي الشيعي، هذا على سبيل المثال لا الحصر، من أجل هذه الأمور المتواضعة، يستحق لبنان واللبنانيين تسونامي إصلاحي وسيادي ينبع من صناديق الإقتراع ويصبّ في الأكثرية النيابية ويملأ سدّ الحكومة والرئاسة الفارغ.