“نادين ماتت وهناك ألف غيرها”.. لبنانيات يتذكرن “مأساة الحضانة”

“ماتت أختي بحرقة قلبها على ابنها كرم”.. في عيد الأم، ترثي ندى شقيقتها الناشطة الحقوقيّة نادين جوني، التي رحلت وفي قلبها غصّة لعدم حصولها على حضانة ولدها الوحيد.

ورغم رحيل جوني قبل نحو أربع سنوات، فإن روحها لا تزال حاضرة، إذ تثير قصتها الحديث عن قوانين الحضانة، وتذكر بمعاناة العديد من الأمهات من ممارسات المحاكم الجعفرية، في لبنان.

وتقول ندى لـ”الحرة”: “أنا أختي المرحومة ماتت بحرقة قلبها على ابنها كرم، التي كانت تراه ليوم واحد فقط في الأسبوع، 24 ساعة مشروطة تحت الضغط والتهديد، إني أقدر أحرمك بالشرع حق الرؤيا والمبيت”.

كانت نادين جوني أماً وناشطة ونسوية لبنانية، ناضلت من أجل إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية في لبنان.

وتقول ندى وهي تكاد تبكي: “حتى مرافقته في أول يوم في المدرسة مثل أي أم أخرى كانت ممنوعة أيضا”، مضيفة “كان هذا يحرق قلبها على ابنها”.

تزوجت نادين وهي في سن السابعة عشرة، ثم تطلّقت في التاسعة عشرة من عمرها، وقضَت السنوات العشر الأخيرة من حياتها تناضل بغية نيل حق حضانة ابنها كرم، الذي لم يُسمح لها برؤيته سوى لمدة 24 ساعة في الأسبوع، وفقاً لأوامر المحاكم الإسلامية الجعفرية الشيعية.

وفي السادس من أكتوبر 2019، توفّيت نادين، بشكل مأساوي في حادث سيارة خلال توجهها للاحتجاج على الزيادات الضريبية غير العادلة.

ورغم أن الدولة اللبنانية “رسميا”، دولة مدنية، لكن جميع المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصيّة مثل الزواج والطلاق والحضانة والميراث، تخضع لقوانين دينية. وتعترف الدولة بـ15 قانونا طائفيا للأحوال الشخصية.

وتتبع كل طائفة دينية مجموعة متميزة عن غيرها من قوانين الأحوال الشخصية التي تتحكم في الجوانب الرئيسية لحياة المرأة في لبنان، وتنظّم التمييز ضد المرأة، بحسب الأمم المتحدة.

ومنحت المحاكم الشرعية السنية في 2011، وبعد حملة طويلة، الأم حق حضانة أطفالها حتى سن الثانية عشرة.

أما المحكمة الجعفرية فتسمح للأم بحضانة الطفل الذكر حتى السنة الثانية، والأنثى حتى السنة السابعة.

ويمنح الروم الأرثوذكس على سبيل المثال أيضا الأم الحضانة حتى سن 14 عاما للذكر، و15 عاما للأنثى.

أما الطائفة الدرزية فتمنح الام الحضانة حتى تسع سنوات للأنثى، وسبع سنوات للذكر.

وفي لبنان، تسجن أمهات يرفضن التخلي عن حضانة أطفالهن، أو يجدن أنفسهنّ مضطرات للتنازل عن كامل حقوقهنّ في مقابل تربية أطفالهن، او حتى مجرد رؤيتهم.

وتقول ندى لـ”الحرة”: “نادين ماتت لكن هناك أمهات آخريات لديهن قضايا أمام المحاكم الجعفرية، مطالبات بحقوق أولادهن”.

قبل وقت وجيز على وفاتها، وفي ذكرى مرور عشر سنوات على طلاقها، تحدّثت نادين على موقع “فيسبوك” عن المصاعب التي مرّت بها طوال سنوات الطلاق، ومعارك الحصول على حق الحضانة، وكتبَت أن “الكرامة ليست ثوباً أو صورة أو ضحكة أو طفلاً. الكرامة هي أنتِ ورفاهيتكِ واحترامك لنفسكِ كامرأة، وقدرتك على الوقوف أمام المرآة في كل مرّة والتعرّف إلى نفسكِ. هذه أنتِ تماماً كما تريدين أن تكوني.”

ورغم أن لبنان صادق على عدد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، تحمي وتعزز تمتع المرأة بالمساواة أثناء الزواج وبعده، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فإن وجود قوانين للأحوال الشخصية تستند إلى الدين، وقرارات محاكم لا تضمن المساواة في الزواج والطلاق، تقع خارج إطار هذه الالتزامات.

وتطالب ندى الأمهات بعدم السكوت عن حقهن في “حضانة مشتركة”.

وتقول “حتى لو حدث انفصال، يجب أن يظل الابن ضمن بيئة الأم والأب”.

وتتعهد ندى بمواصلة ما بدأته شقيقتها قائلة: “نادين توفت لكننا سنكمل من بعدها.. هناك ألف نادين أخرى”.

Exit mobile version